خبر يثلج الصدور، وتزهر به القلوب، بابتهاج لا حدود له، جاءت بحجم بيان وزارة الداخلية، في الإعلان عن صدور الموافقة الكريمة على تخفيف الاحترازات الصحية ابتداء من يوم الأحد الفائت، وهو بيان بعث في النفوس الاطمئنان الكامل، وضاعف مشاعر الأمن والأمان، بعد ظروف صعبة، أحسسنا بها جميعاً، وأحس بها العالم بأسره، ليكون وطننا اليوم -ولله الحمد-، من أوائل الأوطان التي وضعها الصحي مطمئن مقارنة بكثير من دول العالم، والتي تجاوزت تبعات الجائحة، بتخفيف الإجراءات الاحترازية للحاصلين على جرعتي لقاح (كوفيد - 19).
بل إن ما أعلنه بيان وزارة الداخلية، هو تجاوز تاريخي، على أدق الظروف صعوبة التي مرت بها البشرية، وهو التجاوز الذي وعدت به قيادتنا الرشيدة - أعزها الله -، وصدقت به وعدها، بعد أن أصبحنا نشعر جميعاً، بتحقق هذا الوعد في سائر نواحي حياتنا، ليست من الناحية الصحية فقط، وإنما من الناحية الاقتصادية والناحية الاجتماعية، فالتخطيط الشامل الذي نجح وطننا من خلاله في تجاوز هذا التحدي، استطاع أن تحقق الغاية والهدف في مواجهة كل أضرار وتبعات الجائحة، ومنحت الجميع التمكين، سواء كانوا أفراداً ومؤسسات، في سائر المواقع والقطاعات، من الوقوف في وجه هذه الأضرار.
الثقة العالية التي تحدث بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله -، بتأكيده أننا «نعيش مرحلة صعبة في تاريخ العالم، ولكننا ندرك تماماً أنها مرحلة ستمر وتمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها، مؤمنين بقول الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، وستتحول هذه الأزمة إلى تاريخ يثبت مواجهة الإنسان، واحدة من الشدائد التي تمر بها البشرية»، وكذلك الثقة التي تحدث بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بقوله: «الظروف السيئة إن شاء الله تزول، ونحن مقبلون على خير دائمًا بهمة رجال المملكة العربية السعودية»، يبرهن عليها الواقع، بكل مؤشراته وإحصائياته.
فهي ثقة كبيرة اعتمدت على نتائج باهرة، حققها وطننا، فقد بلغ معدل الإصابة في المملكة 9 إصابات لكل ألف نسمة، وبلغ التوسع في إجراء الفحوصات بمعدل 13 ألف فحص لكل 100 ألف نسمة، كما وصل معدل الإماتة بين المصابين إلى 1 في المائة مقارنة بالمعدل العالمي 3.47 في المائة، كل هذه الإحصائيات كانت في لب الجائحة وتحديدًا لغاية تاريخ 23 أغسطس 2020، ويضاف إلى ذلك إطلاق ثلاثة برامج إلكترونية، هي برنامج الرصد الوبائي الإلكتروني «حصن» لرصد وتتبع حالات الاشتباه، وبرنامج «تقصي» الإلكتروني لمتابعة الحالات المشتبهة والمؤكدة بشكل يومي في المحاجر والعزل المنزلي، وتفعيل برنامج «تباعد» الذي يقوم بتنبيه أي شخص خالط حالة ثبتت إصابتها لاحقًا، كما حرص وطننا على صحة الإنسان عبر توفير أكثر من 587 مركز لقاح ضد فيروس كورونا في كافة مناطق ومحافظات المملكة؛ لنصل اليوم إلى أقل منحى إصابات في كورونا، وبلغ مجموع من أخذ الجرعتين وصل لأكثر من 44 مليون جرعة حتى الآن.
هذه التجربة، التي تعلّم منها وطننا، وعلَّم الآخرين في كفاءة تعامله معها، لم تقف -فقط- عند تقديم الأنموذج الملهم في إدارة الأزمة صحياً، بل تعدّت ذلك، إلى تحويل كل التحديات في هذه الأزمة إلى فرص، وهذا ما نحس به بكل جلاء، في أن وطننا كان من بين الدول القليلة التي تحركت في مجال مواصلة الإنجاز وتحقيق الأهداف العامة بالمشاريع التنموية، والمحافظة على القوة المالية للحكومة، وتمكين القطاع الخاص، وإكمال إطلاق مشاريع الرؤية السعودية 2030، وكذلك استضافته قريباً للسائحين والزوار في «موسم الرياض 2021»، أضخم حدث ترفيهي، ليفتح من خلاله أيضاً، أبواب التفاؤل والأمل وعدم اليأس للناس أجمع.
يوم سعيد بسماع بيان وزارة الداخلية، بتخفيف الإجراءات الاحترازية للحاصلين على جرعتي لقاح (كوفيد - 19)، وفي انتظار المستقبل بإذن الله بعودة الحياة الطبيعية، وكليهما هما انتصار رؤية وهدف القيادة المخلصة، التي حملت على كاهلها متابعة كل صغيرة وكبيرة منذ بداية الأزمة وحتى الآن في تخطيط المواجهة، قيادة نبعث لها التهاني والتبريكات اليوم بهذا المنجز، ونهنئ أنفسنا بها، وبما تمنحه لنا من الاطمئنان والأمان، وبما تحفزه في أنفسنا من الثقة والأمل والتفاؤل، بأن القادم هو الأجمل.