بتول الحريري
المتأمل في الكتابات على مر العصور يجد بوناً شاسعاً بين ما كانت عليه وما صارت إليه، فقد صارت في العصر الذي نحياه جزءاً لا يتجزأ من حياة الكثير، بل الغالبية منا يكتبون في المواقع والمنتديات هدفهم في الغالب التنفيس عن أنفسهم وبث إحساسهم بالإضافة إلى غيرها من الأهداف المعلنة والخفية، وكذلك من يعملون بالصحف والمجلات من صحفيين وكتّاب، وقد اتخذت هذه المواقع اللغة العربية الفصحى قاعدة لها، حيث يفهمها القاصي والداني ممن يتحدث أو يكتب العربية. فانظر مثلاً إلى وسائل التواصل الاجتماعي كالمواقع الإلكترونية ومنصات نشر المعلومات والمقالات وقنوات البث الإذاعي والتلفزيوني فقد جعلت من استخدام اللغة العربية ضرورة ملحة لمستخدميها وقربت لهم الأسلوب العربي، والكلمات الفصيحة. فضلاً عن مواقع تشكيل الكلمات وضبط الحروف.
ومن المعلوم أن هدف الكتابة الأصيل تبليغ رسالة الملقي (الكاتب) إلى المتلقي (القارئ) وهي ما تُسمى بالفكرة، أو غرض الكتابة، وهذا الغرض وتلك الفكرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بصحة المفردات وتناسقها مع المعنى العام للنص؛ لذا أصبح من اللازم استعمال اللغة العربية الفصحى التي تراعي قواعد اللغة وأساليبها وضوابط، والتي يفهمها الكثير في أرجاء العالم الممتد.
وقد عملت كثير من المنصات والمواقع الإلكترونية على تقريب اللغة من العامة قبل الخاصة فاستخدمت التكنولوجيا الحديثة والخوارزميات المطورة، كي تتيح للمستخدمين فرصة كتابة نصوص عربية صحيحة، خالية من الأخطاء.
إنك بمجرد دخولك إلى هذه المواقع ومحاولتك كتابة نص ما تبيّن لك أخطاء الكتابة الشائعة، والأخطاء النحوية التي يقع فيها الكثير لبعدهم عن اللغة الأم، كما توضح هذه المواقع علامات الترقيم كالفاصلة والنقطة وغيرها من العلامات المهمة لصياغة وترتيب الكلمات والمعاني، التي يحتاجها أي مدقق، بالإضافة إلى مزايا أخرى والتي منها تحسين مستوى النص وجودته.
بل إن بعض تلك المواقع الإلكترونية والمنصات تستخدم خاصية التحليل الدلالي والذي يكون يكون المستخدم به قادراً على تحسين المعنى العام للنص، وذلك عن طريق تقديم عدة بدائل للكلمة، فالجملة من شأنها تعميق المعنى، ووضوحه وبعده عن التعقيد أو تشتت القراء. وبعضها تستخدم خوارزميات رياضية مهمتها مقارنة النص بغيره عن طريق محركات البحث بغرض الوقوف على الانتحال أو الاقتباس.
إن هذه المواقع وفرت الكثير على من أراد الكتابة، وفرت عليه البحث في المعاجم بحثاً عن معنى كلمة أو تركيب معين، ووفرت عليه أيضاً الاستعانة بأهل اللغة والخبرة التي تستغرق الكثير من الوقت والجهد والمال.
إن التقنية التي استخدمتها هذه المواقع قدمت للناس ما لم يتوقعوا حدوثه حتى في أحلامهم، وجعلت بمقدور الكثير إخراج الكثير من النصوص خالية من الأخطاء، واضحة المعاني، جيدة السبك، مناسبة للقراء، وهذا ما فعلته التكنولوجيا بكتاباتنا، فهنيئاً لمن اغتنم الفرصة، وقدم للناس ما يحمله من خير؛ يرفعه في الدنيا والآخرة.