مها محمد الشريف
ها نحن الآن، نرى الحياة بمنظار الأمل، بتخفيف الاحترازات الصحية في المملكة العربية السعودية بعد مرحلة قاسية من عمر الجائحة، حيث بدأت المملكة مرحلة جديدة من تخفيف القيود التي فُرضت جراء جائحة «كورونا»، مع الإبقاء على قاعدة إثبات التحصين عبر تطبيق «توكلنا»، ولهذا اعتبارات كثيرة تنطلق من أوجه الاحترازات والتعافي من الأزمة التي تخللت مسيرة الوباء، وبعد أن شهدت البلاد انخفاضًا كبيرًا في عدد الإصابات والحالات الحرجة، وتزايداً في نسبة الأشخاص الذين استكملوا جرعات لقاح وذلك بناءً على ما رفعته الجهات الصحية المختصة ونظراً للتقدم في تحصين المجتمع وتراجع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، حيث تلقى أكثر من 21 مليون شخص جرعتي لقاح كورونا، وإجمالي جرعات لقاح كورونا المعطاة تجاوزت 44 مليون جرعة.
لقد فرضت جائحة كورونا واقعاً جديداً غير السلوك والعادات لدى كافة المجتمعات بالعالم وأتت بحلول لمواجهة تفشي الفيروس ارتكزت على التقنية الحديثة فأصبح العمل والتعليم والتسوّق عن بعد ركيزة أساسية، فكان الواقع يؤشر على بداية آلية جديدة، حيث يعج العالم بمسارات غير تقليدية ولكنها مذهلة لها إيجابيات كثيرة، لأن هناك خطوات إستراتيجية تتولى وظيفة جديدة لم نكن نظر إليها في الماضي تعزّز الجهود التي بذلتها الدولة بشكل كبير، بكيفية مبهرة لاستعادة التوازن في نطاق أوسع من أثر فيروس «كوفيد - 19»، فترة زمنية تكيّف الناس معها.
ووجد الجميع صدى لهذه العودة ضمن الاستجابة للضرورة، واستبشروا خيراً بعد السماح باستخدام كامل الطاقة الاستيعابية في المسجد الحرام مع إلزام العاملين والزائرين بارتداء الكمامة، وكذلك الحال في المسجد النبوي مع إلزام العاملين والزائرين بارتداء الكمامة في جميع الأوقات في كافة أروقة المسجد، وإلغاء التباعد والسماح باستخدام كامل الطاقة الاستيعابية في التجمعات والأماكن العامة ووسائل المواصلات والمطاعم وصالات السينما ونحوه، وإقامة وحضور المناسبات في قاعات الأفراح وغيرها بدون تقييد للعدد، مع أهمية التأكيد على تطبيق الإجراءات الاحترازية.
وهكذا، كانت الغاية هي العودة إلى طبيعة الحياة تدريجياً، بعد إنقاذ الناس من الخطر الداهم، فالهدف هو تجاوز العقبات والفوز بمواجهة تلك الفترة الصعبة، حتى تستعيد جميع القطاعات توازنها، فإن الأداء المستدام ليس بالأمر اليسير أبداً، والمملكة تمكنت من بلوغه وإجراء أفضل النتائج بالنمو والتقدم المستمرين، والتحسن والإنجاز، وبلا أدنى شك تعتبر هذه الكلمات معنى عميق في أسباب النجاح وله صلة وثيقة بما قدمته المملكة في هذه المرحلة.
منذ تلك اللحظة أكدت وزارة الصحة السعودية أن تخفيف إجراءات الوقاية من فيروس «كورونا» لا يعني عدم الالتزام بالاحترازات من الفيروس، والاستراتيجيات التي تتبعها ليست مؤقتة فحسب، بل تطبق عبر الأيام القادمة أيضاً، وأن الاهتمام طويل الأجل خاصة لمن يعملون في القطاع الصحي، والاستعداد التام لما سيأتي بعد غد، حتى يمكن تكوين صورة صحيحة للتصدي لأي أوبئة جديدة، وتعد تجربة لها بعدين نفسي واجتماعي، إلى جانب البعد الفسيولوجي للصحة والمرض فكل ذلك يمكن أن يساعد على التخطيط لمواجهة هذا الفيروس أو المتحورات الأخرى والإصابة بها، وقد يصل الأمر إلى حدوث تغييرات جوهرية تواكب التطورات التي تحدث في المعرفة البيولوجية والطبية، ومع إشارة للعنصر الزمني فقد بدأت الصحة في إعطاء الجرعة المعززة للفئات الأكثر عرضة للخطر.
فمن الضروري أن تستمر الدراسات الاستباقية حول الأوبئة والمشاريع البحثية، في مجال الدراسات ودقة تركيبها، فإن النطاق الزمني لعلم الأوبئة والفيروسات يتجدد، وتفشيها في معظم دول ومناطق العالم لا يزال يهدّد ملايين البشر، وتسببت بأزمات استغرق تجاوز آثارها سنوات عديدة، وغالباً ما يكون ممتداً ومختلفاً عن أزمنة سابقة، فمع ظهور التقنيات الحديثة في التعرّف على الفيروسات، قطعت معظم الدول شوطاً كبيرا في الكشف عنها.