منذ أن خلق الله البشر على وجه هذه الأرض وهم في سعي حثيث للحصول على قوت العيش الذي يبقيهم على قيد الحياة، ولقد بدأ هذا مع الرعي والزراعة بكل المحاصيل المختلفة، ودخلت النقود مكان المقايضة بعدما زادت الكثافة السكانية، وهنا تغير المشهد وبدأ البشر في صراع من أجل الحصول على هذه النقود عبر التجارة التي لم تقتصر على الزراعة والرعي بل تطورت إلى مجالات أخرى متنوعة وصار هناك أماكن بيع وشراء، ومع مرور الزمن صار هناك تطور هائل في المال وتعاملاته التي راحت تزداد تضخماً واتساعاً عبر شركات ومصارف التي تعتبر اليوم هي الواجهة الأساسية في التعامل المالي.
وأصبح هناك شراهة جارفة للحصول على المال بأي طريقة كانت سوء كانت فردية أو جماعية في منافسة محتدمة تكون أحيانًا ذات سقوط ديني وأخلاقي ممقوت، والشواهد كثيرة تأتي على حساب الفرد أو المجتمع آثارها سلبية ومدمرة. فلماذا هذا الشغف لحب المال؟ حقيقة ناصعة تقول إن المال زينة الحياة الدنيا، ولكن هل المال يتوقف عند هذه الحقيقة فقط، لا بل إن المال هو وسيلة لسد الحاجات الضرورية التي هي تعصف بالغالبية من الناس وتسبب لهم أرقًا مزعجًا فكريًا وجسديًا تقض المضاجع أحيانًا والتي زادت وتيرتها الآن على نحو كبير مع التسارع في التقدم والتطور الذي نشهده في كل شئون الحياة, والتي تأتي عبر البحث عن الطعام الجيد المناسب وللباس النظيف والسكن المريح والتي في حال التغلب عليها والتخلص منها ينطلق الفرد بعدها لطرق أبواب الرزق بعدما صار المال يتراكم لديه، هذا في حالة واحدة إذا كان يملك حكمة ورأيًا سديدًا صائبًا وثاقبًا، إما إذا كان عكس ذلك عندها نقول على المال السلام.
نجد أحيانًا في بعض ممن وفق في تجارته وتضخمت أمواله بشكل هائل وأصبح يعيش في ترف وبحبوبة من رغد العيش يجنح إلى إشباع حاجات غير ضرورية وتسقط من قيمة الفرد وشخصيته في داخل المجتمع، والأمثلة تكاد لا تغيب عن الإعلام اليوم الذي هو في تسابق نحو تصيد بعض هذه الأمثلة السلبية، ينفر ويسخر منها من يتمتع برجاحة عقل، والتي -مع الأسف- هي في تعاظم مستمر.
أخيرًا نقول إن المال نعمة من الله، في هذا الزمن أصبح أثره واضحًا في المجتمعات والشعوب وعنواناً بارزاً في القوة والرفاهية التي هي المطلب الأساسي في بناء مجتمع يكون جل اهتمامه المحافظة على هذه الرفاهية في استهلاك معتدل والعمل بجد ونشاط.