ليس هناك من شك في أنَّ نظرة الإنسان إلى السعادة تتغيّر كلما تقدمنا في السن فليست آمال من هو في الحلقة الثانية من عمره كآمال من تجاوزها إلى الحلقة الثالثة أو آمال من عضّ على ناجذيه وتخطى عهد الشباب.
لقد دلت الأبحاث الطويلة على أنَّ من أهم الأمور التي تجلب للإنسان الرضا العميق والفرحة الصافية التي لا تشوبها شائبة، أن تعمل عملاً كريماً مع بعض الناس، فتجعله بعملك سعيداً.
كما ينبغي أن تؤدي عملاً من الأعمال الإنسانية الاجتماعية، إذ إنَّ ثمة كثيراً من أعمال الخير تستطيع أن تؤديها، تنعم بها على البائسين بنعمة الجذل والغبطة، وتحس في أعماقك بالرضا والسعادة والهناء تختلجان في قلبك حين ترى تلك الوجوه قد أشرقت بالسرور والسعادة حين تقع أنظارهم عليك.
ورغم أننا كثيراً ما نسمع قول القائل: (بودي لو كانت لدي ثروة طائلة).
فإذا سألته ماذا يفعل بهذه الثروة الطائلة، وماذا تفعله الثروة له لم يكن جوابه واضحاً مفهوماً.
كلنا يرجو السعادة لنفسه ويبتغيها، ولكن العجيب في الأمر أنك إذا سألت واحداً عما يعنيه بقوله السعادة، تلعثم ولم يحسن القول ولا البيان. فإذا أصر على أنه من العارفين فإنَّ وصفه لأسباب السعادة يبدو غامضاً غير واضح المعالم.
إنًّ المرأة ربما كانت اقدر على تحديد أسباب السعادة التي تبغيها لنفسها. إنك إن سألتها عما ترجوه لنفسها وما تتمناه أجابتك أنها تريد الحب والزوج القوي والأطفال والدار الجميلة، والاطمئنان الاقتصادي. إنها الآمال التي تجيش في قلبها، وتجول في ذهنها، وتحلم بها وترجو الله أن تتحقق يوماً من الأيام.
أما الرجال فأكثر طموحاً وأشد طمعاً، وهم يعلقون أهمية كبرى على المال والقوة والجاه، فإذا ما تحققت آمالهم ونالوا ما ينشدون فهل نراهم قد نعموا بالسعادة؟
يقول دايل كارنيجي في كتابه (كيف تكسب الثروة): الواقع الذي لا نستطيع إنكاره أنَّ الحاجة إلى المال تخلق الشقاء، وكثرة المال من جهة أخرى تدفع المرء إلى المغامرة والإكثار من اللهو والطرب والسهرات، كما أنَّ المحافظة على الثروة تبعث على القلق، فالمال الكثير ليس في الواقع من الأمور التي يعتمد عليها كثيراً في خلق السعادة.
إذن ماذا يفعل الإنسان للظفر بهدف أو أكثر يؤمن بأنه يفضي به إلى السعادة؟
على المرء أن لا يرسل نظره إلى أعلى كثيراً ولا إلى أسفل كثيراً، بحيث لا تشمل نظرته أهدافاً كثيرة. وليكن الحب أول أهدافه.