- شيئاً.. فشيئاً
كانَ يتلاشى...
كشجرةِِ مهملةْ،
كَنَارِ قومِِ غادروا المكانْ،
كهلالِ آخرِ الشهْرْ،
كسحابةِِ مُحَملَةِِ
بالأَحْلَامِ التي
مَزقَتْهَا الريَاحْ..!
- شيئاً.. فشيئاً
انتقلَ
إلى الصفحةِ الأُخْرى
من جَبَلِ العُمْرْ...
بَعْدَ أن أمضى
سبعين حُلْماً
في أوهامِ الصعودْ..؛
فانْحَدَرَتْ شمسُ النهارْ،
وامتد ظل الأشياءْ.
طَالَتْ المسافةُ بينه
وبين القادمين،
وتَقَاصَرتْ بينه
وبين المغادرينْ..!
- شيئاً.. فشيئاً
تَجَاوَزَ حُدُودَ
مَدينتهِ الحْلُمْ،
تَجَاوَزَ الحَد الفاصلَ
بين المُرْتَفَعِ/ والمُنْحَدَرْ
بين الإِقْلَاعِ/ والهُبُوطْ
على متن طائرةِ
الزمَنْ..!
- شيئاً.. فشيئاً
تَسَاقَطَتْ أوراقُ حديقتهِ،
جَفتْ أغصانُها،
تلاشى ظِلها،
وغادرتْها طيورُ
الأيامِ التي لا تَعُودْ..!
********
- كانَ يسيرُ
على غيرِ هُدَى...
في مَتَاهَةِِ
من طُرُقِِ ملتوية،
طُرُقِِ مزدحمةِِ بكل
شيء...
إلا بما تتمناه
مرآةُ العينْ،
ويتوقُ له
عصفورُ القلبْ،
وتحتاجُهُ
حديقةُ الروْحْ..!
- منذُ أن حَدقَ
في مَلامِحَ
عَقْلِهِ ورُوْحِهِ،
ورأى أنها
لا تشبهُ ملامحَ
العابرينْ..،
وهو يحلمُ
بحياة العُزلة
في
كُوخِِ
بِوَسَطِ غابةِِ نائيةْ
أو
في خيمةِِ
منصوبةِِ بالْعَرَاءْ
أو
في كهفِِ
بسفح جبلِِ شاهقْ..!
- ابنُ الماءِ والطين
كانَ
يحلمُ بالنزولِ
من سفينةِ نُوحْ؛
كي يُحَلقَ
في فضاءِِ
ملائمِِ لأجنحةِ
قصائده..
بعيداً عن:
ضَوْضَاءِ المُدُن،
ونفاياتِ الشوارعْ،
وسِهَام الحاسدينَ
والكارهينْ..،
بعيداً عن
قُيودِ الزمنِ
القديم،
وإملاءاتِ الزمنِ
الجديدْ..!
********
- بعدَ سبعين مرحلةََ
عَبَرَهَا كالأعشى
ما بينَ
تُخُومِ الخوفِ
والتوجسِ
والحِيْرَةِ
والضيَاعْ...،
بِعْدَ أنْ
ضاقتْ طُرُقَاتُ
الْمَدَائِنِ
بِخُطْوَاتِ
بُرَاقِهِ الجامحْ،
بَعْدَ أن فَقَدَ
بَوْصَلَتَهُ،
وعَصَفَتْ الريحُ
بأوراقِ أيامهِ
ولياليه،
بَعْدَ أن حاصرتْهُ
جيوشُ الظلامِ
من كل جَانِبْ،
ودَوخَتْهُ
زَوَابِعُ
الأسئلةْ...
نفضَ أرديةَ
خَوْفِهِ وتَرَددِهْ،
أضَاءَ
سراجَ عَقْلِهْ،
تَقَلدَ
سيفَ العزمْ،
وتوشحَ
رايةَ الحكمةْ،
وراح يطرقُ دُرُوْبَ
الفَضَاء
مع المُهَاجِرِيْنَ
الذين يَعشقُونَ
الشمسَ والهواءْ،
ويُشْعِلُونَ
أضْوَاءَ الكواكبِ؛
لكي يَهْتَدِيَ بها الراحلون
في لَيْلِ السرَى..!
- هَا هُوَ الآنَ
ينطلقُ من
الصفْحَةِ الأُخْرى
في جَبَلِ العُمْرْ.
هَا هُوَ يُحَلقُ بينَ
أجْنِحَةِ الكلماتْ.
هَا هُوَ يزرعُ خُطْوَاتهِ
فَوْقَ غُيومِ
الأحلامِ المؤجلةْ.
ها هو يُحَررُ
يماماتِ قصائده،
وعصافيرَ
أفكارهِ الملونة
من أقفاصها.
ها هو يحتفلُ
بِوَضْعِ قَوَاعِدِ
مَدينتهِ الفَاضِلَةْ..!
** **
- حمد العسعوس الخالدي