د. مساعد بن سعيد آل بخات
لقد أثار قرار وزارة التعليم بتدريس التفكير الناقد كمنهج دراسي للطلاب والطالبات ردات فعل متباينة لدى أفراد المجتمع بين مؤيد ومعارض، ويُعد هذا الأمر طبيعيًا لمن يقرأ عن التغيرات الاجتماعية والثقافية التي تحدث في المجتمعات من حيث مفهومها ونظرياتها وأهم المعوقات التي تقف في طريقها.
لذا أحببت أن أشارككم هنا بلمحة مبسطة عن مفهوم التفكير الناقد، ومدى جدوى تدريسه للطلاب والطالبات.
التفكير الناقد هو مجموعة من العمليات العقلية التي تستخدم بهدف تقويم مجموعة من الأعمال والحكم على المعلومات وذاك من حيث إمكانية القبول أو الرفض.
واعتماد تدريس التفكير الناقد كمنهج دراسي لا يتعارض مع المسلمات الدينية أو الثقافية أو الاجتماعية، فنحن في نظامنا التعليمي نعتمد على القرآن الكريم والسنة النبوية كمصدرين رئيسيين للحصول على المعرفة.
وإذا أردنا إكساب الطلاب والطالبات مهارات القرن الحادي والعشرين، وليكونوا متواكبين مع الثورة الصناعية الرابعة، فإننا بحاجة لتغيير كبير في نظام التعليم ليشمل جميع جوانبه، ومن ضمنها المناهج الدراسية، فالتغيير كفيلٌ بجلب الفرص.
لذا تتعرض الأنظمة التعليمية على مستوى دول العالم لتغيرات مستمرة سواءً كان في المناهج الدراسية أو في إعداد المعلمين والمعلمات أو البيئات المدرسية.. إلخ، بغية مواكبة التغيرات التي تحدث في المجتمعات، وأيضًا من أجل تجويد وتطوير العملية التعليمية.
وقد أشار سمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود في لقائه مع أ. عبدالله المديفر بأننا «سنركز في التعليم على إكساب الطلاب والطالبات المهارات».
إنَّ من أهم سمات التفكير الناقد أنه يحول الطلاب والطالبات من متلقين للمعارف والعلوم (سلبيين) إلى مشاركين ومنتجين للمعارف والعلوم (إيجابيين).
فمع تدريس التفكير الناقد كمنهج دراسي سيكتسب الطلاب والطالبات مهارات متنوعة مثل: صناعة القرار، اتخاذ القرار، حل المشكلات، طرح الأسئلة، التعلم الذاتي، البحث عن المعلومة، البحث عن الأسباب، طرح وجهات النظر، البعد عن التحيز، العمل الجماعي، التواصل.. إلخ.
إنَّ هذه المهارات التي يكتسبها الطلاب والطالبات من خلال دراستهم لمنهج التفكير الناقد تُسمى (المهارات الناعمة)، حيث يستخدم فيها العقل الجزء الأيمن من الدماغ وهو المسؤول عن الذكاء الوجداني، والتي يحتاجها الموظفون والموظفات بكثرة في بيئات عملهم.
فقد أشارت دراسة حديثة من معهد ستانفورد بأنَّ النجاح في المؤسسة على المدى الطويل يعتمد على امتلاك الفرد للمهارات الناعمة كالتواصل والذكاء العاطفي وحل المشكلات.. إلخ بنسبة 75%، والمهارات الصلبة كالقراءة والحساب واللغة.. إلخ بنسبة 25%.
ختامًا..
إذا كانت المهارات الصلبة كفيلة بتوظيفك، فإنَّ المهارات الناعمة كفيلةٌ باستمرارك في الوظيفة.