خالد بن حمد المالك
جاء بيان مجلس الأمن في تجريم الحوثيين وإدانة اعتداءاتهم على المملكة، وعلى السفن المدنية والتجارية في خليج عدن والبحر الأحمر وحصارهم لمدن ومواطنين يمنيين متأخراً، ولكن أن يأتي متأخراً خير من ألا يأتي أبداً، ومع هذا فإن من يتابع سلوك الحوثيين لا يجزم بإذعان هذا التنظيم المجرم لهذا البيان، بما في ذلك إيقاف الحرب فوراً كما ينص عليه البيان، والعودة إلى طاولة الحوار، وصولاً لتحقيق السلام في هذا البلد المنكوب.
* *
ولهذا، فإن المطلوب من مجلس الأمن تفعيل بيانه وإدانته لتجنيد الحوثيين للأطفال، واستخدامهم العنف الجنسي في الصراع، وإلا فإنه سيكون حبراً على ورق سرعان ما يجف وتنتهي صلاحيته، مثله مثل بيانات سابقة تعاملت معها ميليشيا الحوثي بعدم الإنصات، وأمعنت في زيادة وتيرة عدوانها على الشعب اليمني وأماكن مدنية في المملكة.
* *
لقد رحبت المملكة بالبيان، كما تعاملت معه السلطة اليمنية الشرعية بموقف إيجابي، وفي المقابل فإن تنظيم الحوثي لا يرى فيه إلا أنه يحد من أطماعه، ويقوض سلطته في الأراضي اليمنية التي يحتلها منذ استيلائه على صنعاء في انقلابه على الشرعية، وبالتالي تم تجاهله له كما لو أنه لم يكن.
* *
إن استمرار الحرب، وتعطيل المؤسسات، وما أفرزته من إقفال للمدارس، وغياب للخدمات الصحية، وتفشي الأمراض والجوع والفقر، وانعدام الأمن في ظل أجواء تخيم عليها الحرب المجنونة منذ سنوات هي مسؤولية دولية يجب أن يتحملها مجلس الأمن والدول الكبرى المعنية بالسلام وتحقيقه في منطقتنا.
* *
وأخشى ما أخشاه أن تغيب عين الرقيب عن موقف الحوثيين من بيان مجلس الأمن، فيكون ذلك دافعاً ومشجعاً لهم ليواصلوا حربهم العبثية بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، وكأن القرار بحسب فهم الحوثيين له مجرد نصيحة ومناشدة ليس إلا..
* *
إن أكثر المتضررين في الحرب اليمنية هو الشعب اليمني الشقيق الذي تُحاصر بلداته، ويُقتل مواطنوه، ويزج بأطفاله في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فضلاً عن تهجير الكثير من المواطنين عن ديارهم، والزج في السجون لكثير منهم، بأرقام كبيرة ومخيفة، ليقضوا سنوات من أعمارهم تحت التعذيب والممارسات غير الإنسانية في غرف مظلمة.
* *
وأعتقد أن حرباً عبثية كهذه يجب أن يُنظر إليها على أنها قضية إنسانية على مستوى العالم، ولا يُسمح بها تحت أي ظرف بالاستمرار، ولأي سبب كان، مهما تطلب إيقافها من تضحيات، حتى لا يكون العالم شاهد زور، ويتحدث بشيء، ويفعل ما يناقضه، وخاصة حين يكون ذلك مع جرائم في حجم جرائم الحوثيين.
* *
إن بيان مجلس الأمن خطوة في الطريق الطويل وربما الشاق، ولكن لا يمكن أن تُعجز مجلس الأمن القدرة على تحجيم قدرات هذا التنظيم الإرهابي اللعين، الذي استمرأ القتال، وصال وجال بين مدن اليمن، يقتل هذا، ويسجن ذاك، وفي أجواء مشحونة بالتوتر ورائحة دماء الأبرياء، وويل لمن يعارض الحوثي، أو يقول كلمة حق في مسؤوليته عن هذه الحرب، ورفضه وعناده في قبول أي تسوية لها.
* *
وبالمختصر، فإننا نناشد مجلس الأمن بأن يقف بقوة، ويتابع بحزم، ما يجري في اليمن، وأن يكون موقفه القادم تأكيداً على جديته في حل هذا النزاع الدامي بما يحفظ لليمن وحدته واستقراره، ولشعب اليمن الشقيق الأمن وحقه في اختيار من يراه لإدارة البلاد.