م. بدر بن ناصر الحمدان
سيرة الصحابي الجليل «سعد بن معاذ» رضي الله عنه جسّدت كيف يكون الإنسان مؤثرًا بقيمة أفعاله لا بطول عمره، وبالأثر الذي تركه لا بالسنوات التي قضاها، فقد كان عمره عند الإسلام واحدًا وثلاثين عامًا، وتُوُفِّي وهو ابن سبعة وثلاثين عامًا، ست سنوات فقط «من التأثير» كانت كافية لأن يهتز لموته عرش الرحمن، وأن يشيّعه سبعون ألف ملك لم يطؤوا الأرض من قبل، وتُفتح لوفاته أبواب السماء، هذه هي السيرة الذاتية التي يجب على كل فرد منا أن يتركها خلفه «دينًا» و«دنيا».
استثمار العمر، بسنواته وشهوره وأيامه وساعاته، من أهم المقاصد التي أوجدت الإنسان على هذه الأرض، قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ مَن طالَ عمُرُه وَحَسُنَ عملُه»؛ لذلك فالإنسان مجبول على «حسن العمل» في جميع أموره الدينية والدنيوية، وعليه أن يتعلم «ثقافة الإنتاج» قولاً وعملاً، فالحياة رحلة قصيرة، لا بد من استثمارها بكل تفاصيلها على الوجه الأكمل، والحرص على ألا تضيع أوقاتها سُدَى.
ليكن لك «حضورك»، و«أثرك»، و«بصمتك»، لا تقبل أن تكون إنسانًا عاديًا، «لا أثر له»، عليك أنت تؤمن بمسؤوليتك تجاه نفسك، وتجاه الآخرين، أن تقوم بعمل تجد تأثيره بين الناس وفي محيطهم، اجعل لك «قيمة» بحجم ما تُحدثه من «بُعْد» كبير في حياتك، لا تكن شخصًا خاملاً، وهامشيًا، لا يُشعر به، أو لا يعوّل عليه، ولا أحد يرجو نفعه، ويُحسب من جموع المفقودين.
اقرأ سيرة «سعد بن معاذ» وتمعّن بتفاصيلها، وأدرك معانيها، تعلّم من سير أولئك الذين صنعوا التاريخ، وتركوا أثرًا لا يُنسى، ثقّف نفسك بالتراجم الفريدة لمن تفوقوا على أنفسهم، وأورثوا مجدًا يتوارثه الأجيال من بعدهم، وتحتفظ بأسمائهم ذاكرة الأرض.