الشعر ليس مقتصراً على الرجال ولكن للعنصر النسائي شاعرية متميزة ومع شعبة الحياء التي خصها الله للعباد اقتصرت شاعريتهن على أسماء سطعت في سماء الشعر كما برز الكثير من الأسماء في شبه جزيرة العرب كما لنا القدوة الحسنة من الرسول صلى الله علية وسلم فإن ابنته فاطمة الزهراء كانت شاعرة ولها الكثير من القصائد منها على سبيل المثال:
قُل للمغيّب تحتَ أَطباقِ الثّرى
إِن كنتَ تسمعُ صَرخَتي وَنِدائِيا
صبّت عَليّ مَصائبٌ لو أنّها
صُبّت عَلى الأيّام صِرنَ لياليا
قَد كنتُ ذاتَ حِمى بظلٍّ محمّدٍ
لا أَخشَ مِن ضيمٍ وكان جماليا
وكما كتب بنجوين في مقدمة كتابه النساء الشاعرات إذ قال: «إنه لن يكون تحيزاً أن أقول إن القارئ سوف يجد في هذا الكتاب مقطوعات كثيرة على درجة كبيرة من التنوع في الموضوعات وتتميز بأساليبها الخاصة، وهذه المجموعة الشعرية ليست أقل قيمة فنية من أي مجموعة تتألف من مختارات من شعر الرجال».
ننطلق من هنا لنذكر أسماء لها الشهرة الواسعة في نظم الشعر الجزل وصياغة المعنى مع الوصف الشيق للمتلقي الذي يفوق الكثير من شعر الرجال. من هذه الشاعرات:
* الشاعرة بخوت المريه واسمها الحقيقي «بخيته بنت عايض آل عذبه المري» وقد عاشت في منطقة الأحساء وفي مناطق المره مع والدها على عد الزرنوقة والفاضل ثم انتقلت إلى كامب البدو كما يسمى سابقاً الآن هو حي البادية بالدمام.
هنا نتطرق إلى بعض من أشعارها وكان تحديها لجميع شعراء عصرها يتجلى في قولها:
كل الشواعير في وادي
وأنا على الريع سديته
إلا ابن سهل هادي
سرى مع الليل ماريته
وغلب عليها حب البادية وانشدت تقول:
وجودي على بيت الشعر عقب بيت الطين
وجودي على شوف المغاتير منثرّه
ولها:
يا جماعة وإن عزمتوا على أنكم راحلين
غمغموني عن مداهيلكم لاشوفها
كن في قلبي لهب نار ربع ٍ نازلين
اشعلوها بالخلا والهبوب تلوفها
عيدوا بي بالخلا والفريق معيدين
وكل عذرا زيّنت بالخضاب كفوفها
مايقرب دارهم كود صنع الذاهبين
كود حمرا عزمها من صفاة بلوفها
حس ويلاته كما حس خلفات القطين
يوم يسمك عجها مع طمان جروفها
وقالت أيضاً في ابن عمها «علي» وكان بمثابة الأخ لها والأقرب إليها:
يا علي يا خوي الا وين بدواني غدو
لا خبر ولا مديدٍ ولا قلبي بـ أنيس
راحوا العربان في شف قطعان البدو
في هوى الخلفات ما راوزوا يوم الخميس
نحف حالي ياعلي نحف مدراة السدو
وزوع قلبي زوع حر ٍإيلا شاف القنيص
وقالت أيضاً في وصف السيارات القديمة «الماك»:
ياحن قلبي حن (ماكٍ) مع الطلعات
ليا عشقه بالعايدي والدبل جرّه
انا دمع عيني بالدقايق وبالساعات
ولا هي على فرقا المحبين مسترّه
هواجيس قلبي كل ما أقول راحت جات
تعوّد علي باليوم خمسة عشر مرّه
ولها في الغزل العفيف الكثير سنذكر منه القليل قالت:
مل قلب فر وافتر مثل المروحه
لا التمس بالكهرباء الماس زود فرها
صاحبي ناوي بذبحي وانا ما اقوى أذبحه
شب في قلبي سنا نار يشوي حرها
وكذلك:
المحبه لا سطت ما يعالجها الطبيب
روحتك ياصاحبي ليت ربي لدها
عادة الدنيا تفرق حبيب ٍعن حبيب
وقطعك يا رفقةٍ والمفارق ضدها
أيضاً:
ليته يناديني وانا بس أناديه
وأجاوبه ياحسين لو كان مره
عليه قلبي يابسات عراويه
اقفا ابقلبي من أضلوعي يجره
ذالي ليال قاعده في حراويه
لين أنها زادت على المضره
وقمت اتوجد وجد من مات غاليه
وقبره اقباله كل يوم يمره
وعند سفر أختها للعلاج في لندن من مرض أصابها قالت قصيدة تمتدح من صنع الهاتف:
عسى من صنع ذا الهاتف ايديه ماتنشلّ
عسى داره الوسمي تحيط ببساتينه
تعلاّ الحراره وان تكلمت به تنزل
وعلى صوتهم قلبي تريّح شرايينه
وجودي على طيارةٍ صوبهم تنتلّ
على شان مستشفاه انا ابغي مصاخينه
ونذكر هنا مداعبتها لنفسها مع الموت وهي تخاطبه فتقول:
أنا أشهد شهادة حق ما تستحي يا الموت
وأنا أبشهد ان ما فيك ميزٍ ولا شيمه
فيرد عليها الموت:
صلاتك رديّه والحكي زور يا بخوت
وكل خذيته من هله وانتي مقيمه
*الشاعرة مويضي البرازية وهي موضي بنت أبا الحنايا البرازي المطيري فصائدها سارت بها الركبان تقول:
يالله يا للي ماش غيرك خيارا
يا واحد كل يساله ويرجيه
إلى أن قالت:
اللي يضيع الليل يتنى النهارا
واللي يضيع القايله من يقديه
وقد حدث خلاف بينها وبين زوجها وأخذ يعيبها بطول قامتها فقالت:
طول الحجب ماعذر به كل قبا
يوم اللقا مايركبه قاصر البوع
اقعد ببيتك جعل بيتك يهبا
لعل بيتك بين الأبيات مشلوع
عسي الصغير بيننا ما يربا
عساه ما يلعب علي فرخ جربوع
ولها من الطرائف مع أختها اسمها (بنا)، حيث أنشدت بنا تمدح زوجها أمام مويضي:
شوقي غلب شوقك على هبة الريح
ومحصل فخر الكرم والشجاعه
ثم ردة مويضي قائلة:
ما هوب خافيني رجال الشجاعه
ودي بهم مير المناعير صلفين
اريد مندس بوسط الجماعه
يرعى غنمهم والبهم والبعارين
وإذا نزرته راح قلبه رعاعه
يقول يا هافي الحشا ويش تبغين
وان قلت له هات الحطب قال طاعه
وعجل يجيب القدر هو والمواعين
لو اضربه مشتدة في كراعه
ما هوب شانيني ولا الناس دارين
وكان لها في وصف الحب والهوى رأي مختلف:
يأهل الهوى وشلون ملة هواكم
بالله عليكم وين جاكم وجيتوه
والله لو يبطي عليكم عشاكم
ويمركم غض النهد ماعرفتوه
* الشاعرة موضي الدهلاوية
هي موضي بنت سعد بن محفوظ العجمي، الملقب بالدهلاوي. وكان والدها آنذاك أميراً على الرس، من قصائدها في مناصرة الدولة السعودية قالت:
هيه يا راكبٍ حمرا ظهيره
تزعج الكور نابية السنام
سر وملفاك هل العوجا مسيره
ديرة الشيخ بلغه السلام
يا هل الحزم يا نعم الذخيرة
إن لفاكم من الباشا علام
أدعوا الله ولا تدعون غيره
واعرفوا ما من الميتة سلام
الفرنجي إلا قمنا نكيله
تلفظه مثل سيقان النعام
عند سوره تخلى كالمطيرة
إلى استلذ الردى حلو المنام
ما نقلنا السيوف اللي شطيرة
كود للكون في وقت الزحام
وقد تزوجت ابن البادية جديع ابن هذال ورحل عنها بعيداً وأنشدت تقول:
يا الله يا مودّي غريبٍ لداره
يا مودعٍ سفن البحر فوق الأمواج
تريّح قلبي فى مضنّـة فواده
ما طاعهم لو ينصحه كل هرّاج
بعد هذا الغياب تناقل الناس أشعارها إلى أن وصلت إلى الشيخ جديع وكانت هذه المشاعر من خصوصياته فأنشد وقال:
لا جيت موضي يا مناي ومظني
وصل سلامي بنت ماضين الأفعال
وقله تراها طالق الحبل مني
اللي قصيده يلعبه كل رجال
فردت عليه بطريقة مهذبة خوفاً من جرح مشاعره فقالت:
حي الجواب وحي من هو جوابه
يا شيخ يا مكدي غثيثين الأجناب
يا شيخ ما والله مشيت بمعابه
ولا خايلت عيني على كل نصاب
وأن كان قولي فيك كلن حكابه
عرضي نزيه ولا حكى فيه هّزاب
** **
- سلطان أبو اثنين