د.شريف بن محمد الأتربي
تعد قضية الفكر والعقل أو التفكير والعقل من القضايا موضع البحث والاختلاف بين كثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين، فمنهم من يرى العقل هو المسيطر على التفكير، ومنهم من يرى العقل والفكر واحداً لا فرق بينهما، ومنهم من يرى أن التفكير يستخدم العقل، وكل هذه التفسيرات والتأويلات لكليهما تصب في خانة واحدة تتعلق بوجود عمليات معينة تتم خلال وقت ما في مكان ما في الدماغ البشرية بحيث ينتج عنها فعل، أو رد فعل، أو لا فعل ولا رد فعل، بل صمت رهيب.
وقد أوردت جامعة الفلاح في موقعها الإلكتروني (https://afu.ac.ae/ar/) تفصيلا لهذا التداخل بحيث حددت الفروقات بين الاثنين وأضافت لهما ثالثا، وهو الدماغ، فذكرت:
الدماغ: هو الجزء الكامل الموجود في الجمجمة والذي نعرفه جميعاً وهو أهم أجزاء الجهاز العصبي في جسم الإنسان، وهو يجمع المعلومات ويحللها ويسيطر ويدير معظم أعضاء الجسم، وکذلك هو منبع لإنتاج معلومات جديدة.
المخ: أحد أجزاء الدماغ حيث يتألف دماغ الإنسان من عدة أقسام: المخ والمخيخ والبصلة السيسائية، ويهتم المخ بشكل عام بالوظائف الإدراكية والحسية والعقلية ووظائف اللغة.
العقل: هو ليس جزءاً في الدماغ وإنما عملية وصف للأنشطة والوظائف العليا في الدماغ خاصة تلك الوظائف التي يكون فيها الإنسان واعيا بشكل شخصي مثل: الشخصية، التفكير، الجدل، الذاكرة، الذكاء، وحتى الانفعال العاطفي يعدها البعض ضمن وظائف العقل.
لذلك فإن العقل هو ما يميز الإنسان عن الحيوان وليس الدماغ.
صداع فظيع يكاد يفترس رأسي وعقلي هل عندك مسكن؟ كثيرا ما نقول أو نسمع هذه العبارة من أحد الأشخاص، وحين تسأله عن السبب، وهل هو قلة نوم، أو كثرة استخدام الحاسوب، أو حتى بسبب طبي، تجد غالبا الإجابة واحدة، وهي: لا. ولكن يكاد يقلني ويؤرقني التفكير.
أفكار عدة مترابطة أو غير مترابطة تقفز من كل كياني تسير أمام أعيني تؤرقني تجرني جرا إلى طريق لا معالم له، أحاول أن أسيطر عليها ولكنها هي أقوى فلا قدرة لي على التحكم بها، حتى النوم صار صديقا لها، فما أن أضع رأسي على وسادتي حتى أراهما يرقصان فرحا معا بانتصارهما علي فلا أنا نمت ولا أفكاري رقدت، كل الحلول تكاد تبوء بالفشل، لأبدأ بالتفكير في شكل الطرق قديما، وكيف ظهرت؟ فهذه الطرق والتحكم فيها لمنع الازدحام المروري الفكري أو التفكيري هي خير مثال لما أنا عليه الآن، وثمة غموض يلف تحديد أولى الطرق في العالم، ولكن أقدم طريق «دولي» تمكَّن العلماء من إثبات وجوده والدافع إلى شقه هو الطريق الذي يصل منطقتي ساري سانغ وبدخشان في أفغانستان، حيث كان يستخرج حجر اللازورد في الألف السابع قبل الميلاد، بوادي السند (باكستان والهند)، والغاية منه تصدير هذا الحجر الكريم الذي كان مرغوباً بشدة أينما كان.
وفي الألف الرابع قبل الميلاد امتدت تجارة السلعة نفسها من أفغانستان إلى بلاد ما بين النهرين، ولاحقاً إلى مصر. وعلى طول هذا الطريق الطويل، تجمع قرويون لتقديم الخدمات لقوافل التجَّار.
ومع العمران الذي طرأ على كافة أنحاء القرى والتوسع في العيش في المدن بدلا من الجبال والكهوف كان لابد من تخطيط الطرق، بحيث تصلح للسير عليها أولاً ومن ثم ترتيب أولوية المرور خاصة مع اختراع العجلة وظهور العربات التي تجرها الدواب.
ومع اختراع المحرك وظهور العربات كانت المشكلة باختلاط السيارات بالمشاة مما استلزم وجود شخص يحمل جرسا لتنبيههم بمرور السيارات، ومن ثم اخترع البوق، وأخيرا قبل أكثر من 100 عام اخترع (الزامور أو الكلاكس أو البوري)، ثم جاء تنظيم مرور السيارات باستخدام إشارات المرور لتنظم عمل هذه الوسائل وتمنع تداخلها وتقلل الازدحام وتعطي أولويات في المرور.
ويحتاج عقلي حاليا لعمل إشارات المرور والاستفادة من دورها في تفادي الازدحام المروري الناتج عن عدم اتباع السائقين لقوانين المرور رغم معرفتهم بها، مما يؤثر عليهم أولا وعلى غيرهم ثانيا في الحركة ويؤخر رحلاتهم لأوقات قد تصل للساعات، مما يمثل هدرا للوقت والطاقة وقدرة الإنسان نفسه؛ يظل التفكير هو الشغل الشاغل للبشرية سواء في ماض ولى مدبرا أو في حاضر يولي مسرعا أو غدا قادم غامضا، وبين هذا وذاك تتزاحم الأفكار وتتصادم مع بعضها البعض مشكِّلةً صداعا في مراكز اتخاذ القرار تحتاج إلى إشارات مرور تنظم تدفقها وتسلسلها حتى لا يطغى غير المهم على الأهم، بل وتحتاج إلى تقنية الذكاء الاصطناعي AI لتديرها وتساعدها على الوجود في الوقت والمكان الصحيحين وأن يكون هناك نفع منها.