خالد بن عبدالكريم الجاسر
في لقاء رفيع المستوى لجامعة «بوكّوني» الإيطالية بالتعاون مع «مجموعة العشرين» في مدينة ميلانو، قال لاري سومرز كبير الخبراء الاقتصاديين السابق في البيت الأبيض على عهد الرئيسين (كلينتون وأوباما): «أتمنى على صديقي ماريو دراغي أن يطلق في القمة المقبلة لـ(G 20) صرخة ثانية مثل (مهما كلّف الأمر) الذي أطلقها عندما كان حاكماً لـ(المصرف المركزي الأوروبي) لإنقاذ اليورو خلال أزمة عام 2008، ودفع المنظمات والمؤسسات المالية الدولية إلى توفير الموارد المالية اللازمة للقضاء على (كوفيد - 19) والتأهب لمواجهة الجوائح والأزمات الصحية المقبلة».
هكذا بدا الأمر إنقاذ اليورو والمصالح تتغلب، ناهيك عن الجائحة التي لم يدخل لقاحها دولاً فقيرة، وقد أُلقي بالمهملات تالفاً دون منفعة، فماذا قدمت الدول الكُبرى؟ وقد تعهدوا بتمويل التوزيع العادل للقاحات المضادة لفيروس «كورونا المستجد».. اللهم إلا القيادة السعودية التي نجحت في قيادة القمة العالمية إلى عالم ما بعد فيروس كورونا؟.. لتُقدّم «النموذج السياسي، والاقتصادي، والتعاوني الذي لا حلّ للعالم من دونه»، وقد ساهمت لعبور أزمة كوفيد بأكثر من 11 مليارًا، وتخفيف أعباء الديون عن الدول منخفضة الدخل حتى يونيو 2021، وغيرهما، ليُعلن الملك خادم الحرمين الشريفين قائلاً: «كانت مسؤوليتنا وستظل المُضي قُدماً نحو مستقبل أفضل، ينعم فيه الجميع بالصحة والازدهار».
لقد اجتمع زعماء الدول ذات الثروات العملاقة في لحظة زمنية مُتميزة نظرًا لانتشار الوباء، ولكنهم أخفقوا في مناقشة أزمات العالم وقضايا الموت والحياة بالنسبة لشعوب العالم لولا قدر الله بقيادة أول دولة عربية لقمتها 2020 بالرياض، ليجتمعوا هذه المرة عبر الفضاء الافتراضي. فهل أقنع الوباء بأن أكبر رؤساء العالم لم يستطيعوا التصدي له؟ أو إيقاف إصابات شعبه اليومية نتيجة غياب التوازن الحقيقي؟ لتبقى الهوة الاقتصادية الشاسعة بين الأغنياء والفقراء، التي ستفرض نفسها وحالت دون حصول الفقراء على اللقاح والعلاج، وتحكم «الواحد» في الجميع، فهل تعلموا من التجربة الإدارية الهائلة بالسعودية؟ لا ولم ولن يتعلموا... فما أضعف القارة العجوز وكُبرى الدول طالما صنعوا بأيديهم الإرهاب ويؤوونه ببلدانهم، يضعونهم فجأة بدولة ما ناهبين خيراتها ويُدمرونها، ثُم يلحقهم العار بخروج مُهين كما صار بأفغانستان التي سوف يجمعون لها بتلك القمة الأموال لحل أزمتها وللأسف من سيدفع؟؟!!
لقد ساهمت السعودية في قيادة دول مجموعة العشرين للمشاركة الجماعية لتقديم الدعم المالي المباشر لمواجهة جائحة كورونا والعمل على تخفيف تلك الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي فرضت سلبياتها على الكثير من الفئات المجتمعية عبر العالم، وهذا دورها الإنساني ليُلبي الدعوة الإيطالية ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لحضور القمة بمدينة روما خلال الاتصال المرئي. واستعدادها لإنجاح أعمال الدورة بصفتها عضواً في ترويكا المجموعة، وحرصها على استمرار الجهود المبذولة لحل المشكلات العالمية بمشاركة كبار القادة كالرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والروسي بوتين والسبب أزمة أفغانستان التي اختلقوها هُم، والآن يبحثون عن حل... بينما لم تحدد الصين بعد ما إذا كانت ستشارك أم لا؟
إنها مواعيد القوى الواعدة القادرة المُؤثرة. بُلدان القمم الغنية أوطان أقوى الاقتصادات، وتحالفات كبرى الثروات، وأفضل المختبرات والجامعات، وامتلاك التقنيات والتطبيقات التي أفلست قدراتنا وطاقاتنا الهائلة، وأهدرت إبداعاتنا، فهل سيأتي من روما التي أحرقها نيرون عازفاً بقيثارته.. دون حلول سحرية لأزماتنا خاصة الإنسانية التي يُفسدها العقل البشري الأناني؟