لعلي أبدأ هذا المقال بقصة رواها لي أحد الأصدقاء الذين دخل عالم الاستثمار في الفنادق عندما أراد أن يقيم حملة إعلانية للفندق الذي قام بالاستثمار فيه والتسويق بأحد محركات البحث الشهيرة التي تقوم بتسويق الفنادق حول العالم وعند بدء الحملة وبدء الحجوزات حصل على تقييم سيئ من أحد الزوار لديه فقام بإلغاء تسجيله بالموقع وشطب اسم الفندق من المنصة وعند السؤال عن السبب ذكر أن الأساس في الانتشار هو السمعة الجيدة وعند حصوله على تقييم سيئ يجعل الآخرين يركزون على الأمر السيئ الذي واجه هذا الزبون وينسون الأمور الإيجابية الأخرى خاصة في بدايات الانطلاق, وبالتالي قد يتسبب في خسارة كبيرة على حد قوله وينصرف من الترويج إلى منتجه إلى حملات لتغيير السمعة التي نالت الفندق, وهذا سبب في تقييم وضعه قبل أن تتكون لدى الفندق سمعة سيئة يصعب تغييرها، وبغض النظر عن الإستراتيجية التي قام باستخدامها من أجل ذلك فما يهمنا هو إداركه بأن السمعة أصبحت ضرورة اقتصادية أساسية، وللأسف الشديد نجد أن بعض الشركات السعودية وأيضاً أهل الخبرة لا يدركون مفهوم السلعة كقيمة اقتصادية عالية جداً قد تفوق قيمة المنتج نفسه. ففي استطلاع أجرته «هاب سبوت» وُجد أن 62 % من المستهلكين يعتمدون على المراجعات عبر الإنترنت لاتخاذ قرارات الشراء، ويعتقد 70 % أن مراجعات المستهلكين الآخرين مفيدة لهم. كما بيَّن الاستطلاع أنه إذا زاد عدد تقييمات المنتج عن 50 تقييمًا على مواقع مثل «أمازون» فإن ذلك سيعمل على زيادة المبيعات بشكل قوي وذلك لاعتقاد المستهلك بأن آخرين سبقوه إلى شراء نفس المُنتَج وهذا له دلالة في سلوكية المشتري حتى وإن كانت بعض التقييمات سلبية. وقد يكون هذا منطلق صديقنا في ذلك. فثقة العميل قد لا تكون من خلال التجربة وإنما من خلال السمعة والتي تحاول كبرى الشركات العالمية العمل عليها حالياً، فالسمعة هي مفتاح فهم الصعود إلى الأعلى وسبيل الانخراط في التبادل الاقتصادي القوي، وفي اقتصاد السمعة القادم، تزداد قوته من أي وقت مضى. لأنه اليوم، وبفضل التطورات السريعة في التكنولوجيا الرقمية، يمكن لأي شخص الوصول إلى مجموعة ضخمة من المعلومات عنك وعن منشأتك - عاداتك الشرائية وأموالك وشبكاتك المهنية والشخصية وحتى مكانك المادي وقيمتك السوقية - في أي وقت. في عالم تسمح فيه التكنولوجيا للشركات والأفراد على حد سواء ليس فقط بجمع كل هذه البيانات ولكن أيضًاتجميعها وتحليلها بسرعة ودقة وتعقيد مخيفين، فأصبحت سمعتنا الرقمية بسرعة عملتنا الأكثر قيمة. فـ70 % من الشركات في الولايات المتحدة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البينات لمعرفة أهلية الموظفين وتقييم الموارد البشرية، فالسيرة الذاتية ليست تلك التي تبنيها من خلال ورقة تقدمها وإنما من خلال تعامل الجماهير أو المؤسسات معك، كذلك أصبح التعامل مع العلامات التجارية الصاعدة من خلال ما يراه الآخرون عنك فقد أصبحت مصادر البينات مفتوحة يمكن الاطلاع عليها وتحليلها فاقتصاد السمعة عبارة عن بيئة يتم فيها بناء العلامات التجارية بناءً على كيفية إدراكها عبر الإنترنت والوعد الذي تقدّمه خارج الإنترنت. إنه سوق يتم فيه التعامل مع ذوي الكفاءة مثل المنتجات ويتم تصنيفهم والحكم عليهم وإعطاء الآراء بناءً على السمعة. وكنتيجة لذلك سوف تكون التفاعلات الإيجابية بالنسبة إليك أو لنشاطك التجاري فرصاً جديدة لصناعة قصص قد تفوق الخيال عن النجاح والفرص السلبية ستقلّل من سمعة العلامات التجارية علنًا. بمعنى إما أنك قد تخسر عملاء وزبائن بسبب السمعة سواء كانت خاصة بك أو منتجك التجاريز إن اقتصاد السمعة يتطلب حضور الأدوات ومرتكزات تنطلق من إدارك القيمة الأساسية لك وما الرؤية التي تطمح أن تكون عليها. إن هذا الاقتصاد سوق سيكون بمثابة سجل دائم حديث للعلامات التجارية الشخصية أو الشركات، وقاعدة بيانات مركزية لشركات في جميع أنحاء العالم.