خالد بن حمد المالك
ولدت حكومة نجيب ميقاتي في حالة مشلولة بعد عملية قيصرية، فلم تكن وزارة كفاءات أو وزارة مختصين، أو أنها تشكلت من غير الحزبيين، وإنما تم اختيار الأسماء بإملاءات حزبية، وقد خالف الرئيس المكلف بتشكيلها ما وعد به، وما طالب به الرئيس الفرنسي ماكرون.
* *
ولم تكن هناك خيارات أخرى أمام رئيس الوزراء نجيب ميقاتي غير القبول بالأمر الواقع وبما أملاه عليه رئيس لبنان ميشال عون ورئيس حزب الله حسن نصرالله، إلا أن يعتذر كما اعتذر سلفه سعد الحريري، وهذا القبول من ميقاتي سببه ضعفه ومجاملاته، ومحاولة كسب رضا الأحزاب.
* *
وهذه الحكومة برئيسها الضعيف كانت بعد شهر من تشكيلها على موعد مع أول مسمار يُدق في نعشها، حيث مارس تنظيم حزب الله الإرهابي الضغط على الرئيس ميقاتي وحكومته لأخذ موقف يلبي رغبة الحزب من القاضي العدلي يصل إلى حد عزله من عمله، وإلا فإن ممثلي حزب الله في الحكومة لن يحضروا أي اجتماع، وبالتالي لن يكتمل النصاب، وهذا ما حدث.
* *
وجاءت تطورات العلاقة بين المملكة ودول الخليج إثر تصريح وزير إعلام حكومة ميقاتي جورج قرداحي لتكون القشة التي قصمت ظهر هذه الحكومة الميتة بتعاملها مع إساءات قرداحي للمملكة ودول الخليج دون أي اهتمام، وعدم التفاعل معها بما يرضي الجانب الخليجي العربي، ويوقف هذا التطاول العدواني السافر على دولنا.
* *
ومع تقديرنا للأكثرية من السياسيين والإعلاميين اللبنانيين الشرفاء في تضامنهم مع الموقف الخليجي، وشجبهم لموقف الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة اللبنانية، فإن الأصوات المبحوحة المنتمية إلى تنظيم حزب الله، ظلت على مدى الأيام الماضية تتحدث بغباء، وتقدم معلومات مضللة، انتصارًا لإيران على حساب مصلحة لبنان.
* *
وقرار المملكة ودول مجلس التعاون لم يأت من فراغ، ولم يكن سببه تصريح قرداحي فقط، وإنما هو نتيجة تراكمات من السلوك اللبناني المضر بمصالح دولنا، وقد أمهلت المملكة وشقيقاتها المسؤولين اللبنانيين لتصحيح السياسات والمواقف اللبنانية من دولنا، بما فيها تهريب المخدرات، ومنع حزب الله من أن يواصل دعمه للحوثيين لإطلاق طائراته المسيرة بدون طيار، وصواريخه التي تزوده بها إيران على مطارات ومدن المملكة، دون أن يُسمع لها صوت، أو يُستجاب لها طلب.
* *
والقرار الذي اتخذته الدول الخليجية هو قرار سيادي بصرف النظر عن تأثيره على مصالح لبنان، طالما أن الرئاسة والحكومة في لبنان لا ترى بأسًا أو ضررًا في مواقف حزب الله وبعض الإعلاميين والسياسيين، وأنه لا خيارات أخرى أمامها إلا هذا الخيار، سواء أكان عن عجز في مواجهة حزب الله، أو اقتناعًا بتوجيهات وأجندات هذا الحزب الإيراني الإرهابي الذي اختطف لبنان.
* *
والمملكة ودول الخليج لم تطالب لا باستقالة جورج قرداحي، ولا باستقالة الحكومة، ولم تتدخل ولن تتدخل بما يضر بالشعب اللبناني الشقيق، سواء من يقيمون في لبنان، أو ممن يعملون في دولنا، وكل من يدعي من أبواق حزب الله من سياسيين وإعلاميين عن تدخل المملكة في الشأن الداخلي للبنان هو كلام كاذب ورخيص ومردود عليه، فالمملكة وحتى دول الخليج لا تطالب بأكثر من كف أذى حزب الله، ومنعه من مد نفوذه العدواني انطلاقًا من اليمن ضد المملكة العربية السعودية.
* *
ومن المؤسف أن تغيب الحقائق، وأرقام الدعم الكبير الذي تقدمه المملكة ودول الخليج لشعب لبنان في مقابل دفاع بعض اللبنانيين عن الاحتلال الإيراني للبنان، وقبول ممثل إيران (حزب الله) بمصادرة القرارات الاستراتيجية في هذا البلد المنهار تحت أنظار الرئيس والحكومة ومجلس النواب، وكأن لبنان لا يعنيهم، وكأن رضا إيران هو الأول والأخير لدى حكومة ضعيفة في ظل دولة ودويلة، فواعيباه!!.