د.شريف بن محمد الأتربي
يوماً بعد يوم يتعاظم دور التقنية في التعليم؛ ويتم تسخير كافة هذه التقنيات لتجويد التعليم وتحسين مخرجاته، والقضاء على كثير من السلبيات التي كان القضاء أو السيطرة عليها يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد والوقت، وغالباً ما تكون النتائج غير ملموسة، والنجاح غير متوقع، لوجود عوامل ومؤثرات خارجية لها دور كبير وفعال في ظهور هذه السلبيات وتعظيمها.
لقد كانت بداية دمج التقنية في التعليم ضعيفة جدا، وعلى استحياء؛ نظرا لعدم خبرة المعلمين وقدرتهم على توظيف واستخدام التقنيات في العملية التعليمية، وبمرور الوقت؛ ومن خلال التعاون الكبير بين التقنيين والمعلمين، أمكن تسخير الكثير من التقنيات لصالح العملية التعليمية، ولعل من أحدث هذه التقنيات: تقنية Blockchain البلوك تشين أو سلسلة البيانات.
ويشير كثير من التقنيين إلى أن تقنية Blockchain مثل دفتر أستاذ مشترك وغير قابل للتغيير، يسهل عملية تسجيل المعاملات وتتبع الأصول في شبكة الأعمال. وقد يكون الأصل ملموساً (منزل، سيارة، نقد، أرض) أو غير ملموس (حقوق الملكية الفكرية، براءات الاختراع، حقوق النشر، العلامات التجارية). وعمليا، يمكن تتبع أي شيء ذي قيمة وتداوله على شبكة blockchain، مما يقلل المخاطر ويقلل التكاليف لجميع المعنيين.
وتلعب تقنية البلوك تشين دورا هاما جدا في مجال الأعمال بما توفره من معلومات بشكل أسرع وأكثر دقة، وفورية ومشاركة ووضوح تام-. هذه المعلومات يتم تخزينها في دفتر أستاذ غير قابل للتغيير، ويمكن الوصول إليها من قِبل أعضاء شبكة الاتصال المصرح لهم فقط. كما يمكن لشبكة البلوك تشين تتبع الأوامر والمدفوعات والحسابات ومعدل الإنتاج و....إلخ.
وتتكون Blockchain البلوك تشين أو سلسلة البيانات من ثلاثة عناصر رئيسة، هي:
- تقنية دفتر الأستاذ الموزع
يمكن لجميع المشاركين في الشبكة الوصول الى دفتر الأستاذ الموزع وسجله الثابت في المعاملات. باستخدام دفتر الأستاذ المشترك هذا، لا يتم تسجيل المعاملات الا مرة واحدة، مما يزيل الازدواجية في الجهود التي تميز شبكات الأعمال التجارية التقليدية.
- سجلات غير قابلة للتغيير
لا يمكن لأي مشارك تغيير المعاملة أو العبث بها بعد تسجيلها في دفتر الأستاذ المشترك. إذا كان سجل المعاملات يتضمن خطأ، عندها يجب اضافة معاملة جديدة لعكس الخطأ، وسيتم عرض كل من العمليتين بعد ذلك.
- العقود الذكية
لتسريع المعاملات، يتم تخزين مجموعة من القواعد، تسمى العقد الذكي على blockchain ويتم تنفيذها آلياً: يمكن أن يحدد العقد الذكي شروط تحويل سندات الشركات، بما في ذلك شروط التأمين على السفر الواجب دفعها والكثير غير ذلك.
وكما ظهرت البلوك تشين في مجال المعاملات المالية، انتقل استخدامها أيضاً إلى مجال التعليم، وأصبحت تمثل واحدة من أهم التقنيات الجديدة فيه، وتعتبر هي وتقنية الذكاء الاصطناعي من أهم العوامل التي يؤمل فيها لإحداث تغيير جذري في التعليم؛ خاصة التعليم الإلكتروني أو عبر المنصات. حيث تساعد هذه التقنيات على:
1. التحقق من سجلات الطلاب والاعتماد
باستخدام تقنية blockchain يتم حفظ سجلات الشهادات ووثائق اعتماد الطلاب في المؤسسات التعليمية، وبالتالي لن يكون هناك حاجة إلى وسيط في التحقق من الدرجات والشهادات والدبلومات والأوراق الأكاديمية الأخرى.
يمكن أن تساعد تقنية Blockchain أيضًا المؤسسات التعليمية في الاعتماد، حيث سيكون من الأسهل بكثير التحقق من مؤهلات وجودة التعليم الذي تقدمه معظم المؤسسات التعليمية.
2. تقليل حالات الغش في التعليم
هناك العديد من الحالات الموثقة التي استخدم فيها المتقدمون للوظيفة أوراقًا أكاديمية مزورة، فهناك العديد من الأشخاص الذين يقدمون أوراق مؤهلات غير حقيقية رغبة منهم في استغلال الفرصة الوظيفية، وحيث يفتقر صاحب العمل أو القائم بإجراء المقابلة إلى ورقة علامات للتحقق من مهارات المتقدمين، مما يسفر عن تعيين موظفين غير مهرة أو غير مؤهلين للوظيفة.
تضمن تقنية Blockchain دفتر أستاذ ثابت وشفاف لجميع المؤهلات الأكاديمية. بمجرد أن تسجل الكلية معلومات الطالب في دفتر الأستاذ عبر الإنترنت، ليس من السهل تغييرها. ستحتاج إلى إذن من مستخدمي الشبكة للتعامل مع المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجامعات تطوير دفتر الأستاذ باستخدام بروتوكول blockchain المخصص. تعتبر المنصة فاعلة لإصدار كشوف درجات الطلاب وشهاداتهم.
3. تطبيق اللامركزية في التعلم عبر الإنترنت
تقدم المؤسسات التعليمية اليوم دورات عبر الإنترنت لكل من الطلاب المحليين والدوليين، هناك دورات عبر الإنترنت يمكن للطلاب الالتحاق بها في مؤسسة يفضلونها أكثر. يعد عدم الاتساق تحديًا عند اختيار دورة عبر الإنترنت من مؤسسات تعليمية مختلفة.
حيث يمكن للمؤسسات التعليمية استخدام تقنية blockchain لضمان التعلم اللامركزي عبر الإنترنت. يساعد الطلاب والمدرسين على مشاركة المعلومات في الوقت الفعلي. عندما تقوم تقنية blockchain بإضفاء اللامركزية على التعلم عبر الإنترنت، فلن تملي المؤسسات نوع الدورات التدريبية التي يجب نشرها والمبلغ المطلوب دفعه في كل دورة تدريبية عبر الإنترنت.
4. حماية حقوق النشر وانتهاك الحقوق الرقمية
تكافح المؤسسات التعليمية للقضاء على مشكلة النسخ الحرفي من المصادر دون الإشارة إلى أصحاب الأعمال الأصليين فعندما يقوم الطلاب بنسخ المحتوى الرقمي عند كتابة ورقة بحثية، أو حتى اقتراح بحث، تساعد تقنية البلوك تشين على كشف عملية النسخ، بل ويمكن للجامعة إلغاء الشهادات من هؤلاء الطلاب بسبب انتهاك حقوق النشر والملكية الفكرية.
5. إنشاء منصات تعلم أفضل
ستكون تقنية Blockchain مفيدة في تطوير منصات تعلم أفضل عبر الإنترنت. والجدير بالذكر أنه يمكن للجامعات تطوير أنظمة تعليمية ملائمة ومشاريع تربط الطلاب والمعلمين. باستخدام مفهوم التعليم، تعزز المدارس الوصول إلى المواد الدراسية ومشاركتها. يشتري المستخدمون الرموز المميزة الداخلية لطلب ملاحظات من المدرسين المتواجدين في وضع الاستعداد عبر الإنترنت. بل ويمكنهم أيضًا تنزيل المواد التعليمية والوصول إلى خدمات التعليم الأخرى.
عندما يشاهد الطلاب على الأنظمة الأساسية التعليمية البرامج التعليمية ويدعون مستخدمين جددًا إلى النظام، فإنهم يكسبون الرموز المميزة. ويربح منشئو المحتوى أيضًا المزيد من الرموز المميزة عندما يتفاعل المستخدمون مع المحتوى الخاص بهم. من خلال التفاعل السريع بين الطلاب والمدرسين والمطورين، يصبح التعلم مناسبًا للجميع.
إن استخدام التقنيات في التعليم وتوظيفها في خدمة العملية التعليمية يجب أن يكون محدد الأهداف وضمن خطة واضحة وإطار محدد بحيث يصبح طلاب اليوم موظفي الغد قادرين على تحقيق احتياجات سوق العمل وتقليل حجم الاعتماد على العمالة الوافدة والاكتفاء بالخبراء وأصحاب الفكر العالي، ضمن إطار برنامج تنمية القدرات البشرية الذي أطلقه سمو ولي العهد حفظه الله.