محمد أحمد أبوبكر
من المتع الجميلة في الحياة متعة القراءة، فكل كتاب عبارة عن عالم تخوض فيه بعقلك وخيالك وتستفيد كمّاً هائلاً من العلم والمعرفة، فكأنك سافرت عبر الزمن في كتب تتحدث عن المستقبل أو عشت الماضي في قرونه الغابرة دارسًا ومعتبرًا مما حدث فيه.
ولكن هذه المتعة لا تتأتى لأي أحد، فهي تحتاج إلى مران وصبر وممارسة وعزيمة، لأن النفس بطبعها تنفر من الالتزام وتهوى الكسل والدعة والانفلات من أي قيد.
هذه بعض النصائح حتى تغدو قارئًا متميزًا.
أولاً: ينبغي أن نعلم أن العقل بحاجة إلى تغذية مستمرة ودائمة، ومن دون القراءة يجوع العقل، وإذا جاع أصابه الجمود والتخلف والتبلد، وإذا كنت مع زمرة من المتعلمين والمثقفين، سوف تحس من نفسك أنك نشاز بسبب جهلك وتقاعسك عن القراءة.
ثانيًا: الاستمرارية وعدم الانقطاع، وهذه تكون بالأسلوب المتدرج فتقرأ ما يفتح شهيتك مثل المطويات (على أيامنا الماضية) والكتيبات وكتب الجيب، ومن ثم الانتقال إلى الكتب ذات الحجم المتوسط، وأخيرًا المطولات والمجلدات الكبار. ولا بد لأي قارئ من أن يكون له ورد قرائي يحافظ عليه كما يحافظ على ورده من القرآن الكريم، وأي قارئ مبتدئ في بداياته يقرأ كل يوم صفحة أو صفحتين ومن ثم يزيد جرعات القراءة تدريجيًا حتى يأنس من نفسه جلدًا وصبرًا على القراءة بحيث ينتهي من قراءة كتاب ما في يوم واحد.
ثالثًا: عندما تقرأ كتابًا ما، غص فيه بعقلك وأعماقك وخيالك وتخيل تفاصيل ما تقرأه في ذهنك كأنها شخوص تتراءى لك، وهذا مما يسهم في غرس المقروء لديك، وأنا أحكي هذا من تجارب شخصية، وهذا يتجلّى تمامًا حين قراءة القصص والروايات.
رابعًا: ليس كل ما يُطبع يستحق القراءة، فهناك كتب أنيقة المظهر وجميلة الطباعة لكنها تافهة وسطحية في المضمون، فتخيّر ما تقرؤه ولا تضيِّع وقتك وجهدك.
خامسًا: عرّج على المكاتب من حين إلى آخر واستكشف الجديد وتصفَّح الكتب ودع يدك تتسلى بالتقليب هنا وهناك، فهذه متعة ليس بعدها متعة.
سادسًا: لخّص ما قرأته في عناصر عدة على الهوامش والصفحات الفارغة، وقم بالتأشير على المواضع المهمة التي قد تريد المزيد من البحث عنها أو الاستفادة منها لاحقًا، وفائدة أنه يسّهل عليك الكثير إذا أردت أن تقرأ الكتاب نفسها مرة أخرى.
هذا ما تبدّى لي في هذه العجالة من سوانح عابرة، والكلام يطول جدًا في هذا الباب، وخير الكلام ما قلّ ودلّ، ودائمًا وأبداً (اقرؤوا وانهلوا واستزيدوا ولا تشبعوا).