تعد الصحف أداة من الأدوات المهمة في المجتمع لما للدور الكبير الذي تلعبه في خدمته، فهي تسهم في تأسيس مجموعة من الأبعاد الفكرية المرتبطة بالمعلومة وتعمل على رفع الوعي عند الفرد وبالتالي تساعد في تكوين طبقة واعية يتشارك أفرادها في الهموم وتدفع بهم نحو طموح متنوع حسب توجه كل فرد وبعد ذلك حسب توجه كل مجموعة.
ولذلك تتنوع الصحف أو تنقسم الصحيفة نفسها لعدة فصول تخدم وتطرح قضية تخص كل نوع ينعكف عليها الراغب نحو القسم الأهم لديه.
منذ تأسيس الصحف ومنذ دخولها العالم العربي ارتبط الكاتب والمثقف ارتباطاً وثيقاً بها وهناك عدد كبير من الأدباء والمفكرين الكبار ممن كان لهم الأثر الأكبر في العالم العربي فكريا وأدبياً ارتبطوا بالصحف وكان للصحيفة أثر كبير في مسيرتهم سواء كانوا ناشرين أو محررين أو كتاباً أمثال رفاعة الطهطاوي والعقاد ومحمد عبده والمازني وإبراهيم صالح شاكر وغيرهم.
وبقيت الصحف تؤدي دوراً مهماً وحيوياً في المجتمعات على مر العقود السابقة ودخل على خط المعرفة ونقل المعلومة وسائل أخرى تشترك مع الصحف أحياناً وأحياناً تنافسها وأحياناً تساعدها وعلى وجه الخصوص عند دخول شبكة الإنترنت فكان تأثير الصحيفة في وقت من أوقات أشد وإيصال المعلومة أسرع بعدما استفادت المؤسسات الصحفية من الشبكة العنكبوتية وأسست لها مواقع على هذه الشبكة فكان التأثير متصاعداً.
هذا التصاعد في التأثير حدث في فترة استفاد منها جيل الكتاب الجدد الذي يشارك الآن في المشهد الثقافي، صحيح أن هذا الجيل لم يشاهد فترات تأسيس الصحف ولكنه شاهد وساهم في الكثير من التحولات التي طرأت على الصحف وعلى وجه الخصوص فترة الألفية الثانية الفترة التي حملت معها الكثير من التحولات وكانت مصاحبة لدخول الإنترنت في ذاك الزمن.
فكان تأثير الصحيفة في تكوين الوعي لدى جيل الكتّاب الجدد جداً مؤثراً وتحديداً الصحف ذات البعد الثقافي، حيث ساهمت هذه الصحف في توفير المعلومة المنوعة والتي تحمل في طياتها هدفاً ثقافياً تنويرياً سواء من خلال النوع الأدبي الشعري أو السردي ونقده أو من خلال النوع الفلسفي التساؤلي حتى وإن لم يكن واضحاً في فترة من الفترات إلا وأن المعلومة الفلسفية بقيت متوفرة ومتصاعدة حتى برز بشكل جلي في الفترة الأخيرة.
لقد ساهمت الصحيفة الثقافية في تشكيل الوعي لدى الفرد في المجتمع وساهمت مما لا شك فيه في صقل موهبته وهي بهذا ساهمت في تكوين طبقة من الكتاب الذين يسعون بالطبع لاستمرارية المشهد الثقافي من خلال استمرار الصحيفة الثقافية ككيان له حيوته في ذلك فصحيفة الجزيرة الثقافية على مدى عقدين من الزمن لم تتوقف رغم المنافسة الشرسة لمواقع التواصل الاجتماعي في توفير المعلومة وفي تحليل الخبر إلا وأنها بقيت تقدم الثقافة في قالبها المفيد ذي البعد التنويري وبهذا هي تكمل دورها الذي ما زال منذ نشأتها وهي تتفاعل مع الواقع حولها سواء بداية دخول الإنترنت والاستفادة من سرعة إيصال المادة الثقافية في وقتها أو تقديم هذه المادة بصبغتها المميزة مع القفزة المعرفية والتكنولوجية كما هو الحال في هذا العصر وهذا ما يبقي هذه الصحيفة محافظة على عراقتها ومتجددة بثوب العصر الذي تعيش فيه برفقة أبنائها الكتَّاب الجدد التي سعت لتنشئتهم بجهد الآباء المؤسسين وهي الآن تسقي الثقافة من معين جهدها المتواصل ساعية لبث بذور الفكر الأصيل والمتجدد لتحصد نتاجه في زمن من المؤكد أن الثقافة بحاجة لهذا النتاج في يوم ما.
** **
- حسين الأمير