عشرون عاماً، وسبعمائة عدد ليست أرقاماً كبيرة في تأريخ الصحافة الورقية في المملكة العربية السعودية التي بدأت بجهود فردية وبأعداد أسبوعية بصفحات معدودة غلبت على محتوياتها المادة الأدبية والمقالات التي تعنى بالشأن العام، إما ثناءً أو نقداً ساهم في تطوير الخدمات وتنمية تظل المجتمعات بحاجة إليها دائماً.
أيضاً عشرون عاماً وسبعمائة عدد من عمر الصحافة المتخصصة ليست أرقاماً كبيرة يعتد بها في تاريخ الحياة الثقافية والأدبية في المملكة التي شهدت منذ توحيدها ومن قبل حراكاً ثقافياً ومعارك أدبية قادها شيوخ الصحافة والأدب في كافة مناطق المملكة، وزاد من قيمتها في العصر الحديث الإشارة إليها من قبل مثقفين وأدباء عرب، وتوجها ذلك النقد والمشاركة في الحكم على مستوى الناتج الثقافي والأدبي من خلال زيارة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وكتاباته عن الأدب في الجزيرة العربية.
نعم عشرون عاماً وسبعمائة عدد ليست أرقاماً كبيرة وكثيرة لكنها دسمة وعميقة وأحيانا مثيرة، وهي وفيّة لشخصيات وأحاديث ومعالم من خلال إصدار أعداد خاصة أو تضمين بعض الأعداد ملفات شاملة، وهي جسورة في تحولها إلى الحياة الرقمية التي تضعف في واقعها أن تكون الثقافة عامة، وتؤكد على نخبويتها، فالصحافة الورقية قد تغري بصفحاتها المتعددة وهي بين يدي القارئ أن يتصفح ولو بسرعة الصفحات المتخصصة في الأدب والثقافة، لكن الصحافة الرقمية تعني بالفعل أن تكون الثقافة نخبوية لا يصل إليها إلا من يبتغيها بتعمد وليس مصادفة.
الاحتفال بعشرين عاماً وسبعمائة عدد هو في حقيقته احتفاء بتجاوز أزمة الصحافة الورقية والقدرة على منافسة رقمية، بالإضافة إلى تعزيز مكانة الأدب والثقافة في عصر بات فيه للمعلومة فقط السيادة والصدارة في قيادة الرأي العام والمسلك الحياتي لجيل لا يهتم بالماضي، لأنه دائم التطلع إلى مستقبل تقني صناعي وجودة في الإنتاج تغري المتلقي باقتنائها.
عشرون عاماً وسبعمائة عدد حصيلة رقمية كبيرة من الصحافة المتخصصة سوف تكون عوناً لكل باحث أرهقته عملية البحث بشكل تقليدي في تلك الصحافة الورقية التي لم تدرك زمن التقنية، باستثناء ما قامت به الجهات المتخصصة بتحويل أعدادها ومحتوياتها بمشقة كبيرة إلى وثائق الكترونية يسهل من خلالها كتابة عدد من البحوث في تاريخ الأدب واهتمامات الحياة الثقافية قبل عصر السماء المفتوحة.
مبارك للجزيرة المؤسسة، ومبارك للجزيرة حضورها الأسبوعي في كل مشهد ثقافي، ومبارك لقدرات بشرية واعية تواصل العام تلو العام بالكتابة والبحث واستقطاب الرموز والحضور الفاعل في الحياة الثقافية والأدبية في المملكة.
** **
- عدنان صعيدي