«الجزيرة الثقافية» - محمد هليل الرويلي:
بمناسبة بلوغ أعداد المجلة الثقافية العدد (700) وصدور عددها الخاص المتزامن مع عامها الهجري العشرين (صدرت في 29 - 12 - 1423)، نستضيف في هذه الزاوية الأستاذ (محمد عبدالرزاق القشعمي)، أحد أقدم كتابها، وارتبط بها منذ أكثر من 20 عاماً، للحديث عن هذه العلاقة التي تربط (الكاتب وصحيفته) وأبرز القضايا، والمواقف، التي مرت به طوال هذه الفترة.
وقال الأستاذ محمد القشعمي في بداية حديثة: تعود علاقتي بجريدة الجزيرة وصفحتها ثم ملحقها في مجلتها الثقافية إلى ما 25 سنة وبالتحديد بتاريخ: 18 / 6 / 1419هـ / 18 / 10 / 1998 م، حينها اتصل بي – مع حفظ الألقاب – محمد الدبيسي - المسؤول عن الجزيرة في المدينة المنورة - طالبا مني الكتابة عن الرائد «عبدالكريم الجهيمان» مع آخرين، بمناسبة إعداده ملفًا خاصًا في صفحاتها الثقافية.
حاولت الاعتذار ولكنه أصر على طلبه لمعرفته بعلاقتي الوطيدة بالجهيمان. إذ كنت أعرف عنه ما لا يعرفه غيري.
«وأضاف» فعلا نشر الموضوع تحت عنوان :(أبو سهيل – وتفاصيل تنشر لأول مرة) ووضع في مكان بارز في (العدد 9506) والتاريخ المشار إليه سابقا، ويتوسطه صورة الجهيمان مع الأمير فيصل بن فهد – رحمهم الله – الرئيس العام لرعاية الشباب.
وبعد عودة الأستاذ (خالد المالك) للجزيرة، مرة أخرى دعاني - مع غيري - للكتابة، فبدأت مترددا، ولكن ذكريات وحكايات الطفولة استهدتني فبدأت بسلسلة منها تحت عنوان: (بدايات) من العدد 29 رجب 1420هـ 7 نوفمبر 1999م، وعلى مدي 28 حلقة.
وازدادت معرفتي بالمسؤول الثقافي (الدكتور إبراهيم التركي) وتعمقت بعد دعوتي مع الجهيمان وآخرين للاحتفاء به في (مركز صالح بن صالح) الثقافي، بعنيزة في نهاية شعبان 1421هـ.
وتحدث «القشعمي» عن بعض المواقف التي جسدت العلاقة بين الكاتب والصحيفة مستعيدًا ما حدث حينها قائلًا: بدأت الجريدة بصرف مكافأة أجدها بحسابي شهريا، لمدة تقارب ثلاث سنوات، أخذت بعد ذلك بالتناقص ثم انتهت بالتوقف؛ وبالتحديد مع صدور الملحق الثقافي باسم (المجلة الثقافي) غير أن ذلك لم يصُدّني، واستمررت بكتاباتي للمجلة من (العدد الثالث يوم الاثنين 14 محرم 1424 هـ 17 مارس 2003مـ). إذًا، ما كتبته فيها منذ عام 1419هـ حتى 1431 هـ (82) مقالاً إضافة ل (28) مقالاً منذ بدايتها.. وفي المجلة الثقافية شاركت بـ(102) من بداياتها وحتى 9 رجب 1430هـ 2 تموز 2009م .
هذه الإحصائية وجدتها في كتاب (عشر سنوات مع القلم) ومع استمراري بالكتابة بالمجلة الثقافية حتى الآن رُبّما يزيد على ما ذُكر.
وزاد: كتبتُ أُلمحُ للمكافأة بالمقال «الكتابة بأجر لم تكن معروفة من قبل» في 24 شعبان 1424هـ وكتبت قصة «ضياء الدين رجب» مع جريدة المدينة، والمكافأة لقاء ما يكتب، واتصال «عثمان حافظ» به قبل (70) عاماً، يستحثه على إرسال مقاله الأسبوعي، فكتب تحت عنوان «قرشونا نقرشكم» فيَرد عليه رئيس التحرير: «إن صندوق الجريدة يرد الصّدَى وليس به ما يكفي أُجور العمال، وقيمة الورق». ويَعرضُ عليه «إهداءهُ عباية «بشت» ادخرها لمقابلة الأمير، والاحتفالات، والأعياد» وغيرها.. ويرجو منه «ألّا يُشيعُ خبَرها، حتي لا يفتح عليهم الباب من كتاب آخرين ..»
ومع ذلك لا حياة لمن تنادي.. فتذكرت ما كان الأطفال يعملونه في قريتي لصيد العصافير وصغار الطيور بوضع حبيلة أو مصيدة نسميها (مفقاس) من جريدة النخل ونضعها تحتها ماء فيراها الطائر فينزل من عليائه ويستريح على طرف المفقاس وهو حذر حتى لا يراه أحد الأشقياء فيصطاده. وبمجرد نزوله على طرف المصيدة، إلّا وتُطبِقُ على رِجْلِه، بخيط دقيق، وتقيد حركته، فيبدأ يُوَصْوِص طالبًا النّجاة، فيُسْرعُ إليه من يُخلّصهُ ويذبحهُ قبل أن يعود للطيران وغيره يغالب المصيدة حتى تنقطع رجله فيطير بدونها.
ويشير الأستاذ القشعمي: هذه قصتي وقصة غيري مع الجريدة، إذا بدأ أحد الأصدقاء يكتب بها، وبدؤوا يصرفون له مكافأة، ويسألني كم يدفعون لي فأقول لا شيء وسيأتي دورك، وفعلا بعد أشهر قطعوا مكافأته، سياسة الجريدة الإغراء، وإذا استمر بالكتابة لا يستطيع الفلال منها، وإذا سألتهم قالوا «أحمد ربنا غيرك يكتب لنا ولا ننشر له»، وأخيرًا وبعد اجتياح وسائل التواصل الحديثة، وانقطاع الإعلانات عن الجرائد بدا أصحابها يدعون بالويل والثبور، وبدأنا نسمع بقرب توقف (الصحف الورقية)، عن الصدور، والبديل (الصحف الإلكترونية)، فنقول لعلهم: «يصبرون علينا – كبار السن – حتي ننقرض! لأننا لم نتعود على الوسائل الحديثة».
أعود إلى ذكر وشكر من عرفت من المسؤولين عن الثقافة بالجزيرة وأخصّ بالذّكر إبراهيم التركي ومحمد الدبيسي وسعيد الدحية وعبد الحفيظ الشمري وصالح الخزمري، ولا ننسي الرقيب أو الجندي المجهول - كما يسميه التركي - وهو عبدالرحمن المرداس، لم أذكر دور المجلة في تعزيز وتوثيق العلاقة بين الأجيال في رفع مستوي وعيهم وتوجيههم، أما أنا فلم أبدأ بالكتابة إلّا بعد تجاوز الخمسين من العمر! فلم ينفع معي التوجيه والتشجيع، لكن في مجال البحث والتنقيب في مورثونا الثقافي ما يستحق نفض الغبار عنه وإعادة تدويره وإبرازه لمن يجهله.