د.محمد شومان
لا أصدق أن الجزيرة الثقافية بلغت العدد رقم 700.. لكنها الأيام تمر سريعا، ومعها العمر.. لكن تبقي الجزيرة وثيقة تاريخية، وإضاءة في الفضاء الثقافي العربي في زمن صعب، زمن أصبحت فيه الثقافة العميقة، والثرية بضاعة نادرة، من هنا كانت الجزيرة الثقافية علامة، ورمزا للصمود.. في مواجهة السطحية والتسليع في الثقافية، وقلة الاهتمام بكل ما هو أصيل وإبداعي وعميق. قدمت الثقافية وجبات دسمة وعميقة من الفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية في المجالات كافة، ومن وجهات نظر متعددة، واحتفت بالإبداع والمبدعين، وكانت - وما تزال - فضاء متسعا للنقاش، والحوار الثقافي الهادئ، والراقي، والهادف لخدمة الثقافة العربية، والدفاع عنها والنهوض بها.
أتذكر دعوة الأخ والصديق المبدع د. ابراهيم التركي - مؤسس الثقافية - لي ولزملائي في مكتب الجزيرة بالقاهرة للمشاركة، والتواصل مع بعض المثقفين المصريين أو المثقفين العرب المقيمين في القاهرة للمساهمة في الجزيرة الثقافية.. أتذكر حواري أنا والصديق العزيز فؤاد السعيد مع د. عبد الوهاب المسيري، وإعجابه الشديد - رحمه الله عليه - بالجزيرة الثقافية، ودورها الرائد، كثيرون غير د. المسيري شاركوا في الثقافية، وانبهروا بالمحتوي - الشكل والمضمون واللوحات الفنية والإخراج - المتميز للثقافية، واذكر منهم جمال الغيطاني ومحمد البساطي وكامل الصاوي وإبراهيم عبد المجيد.
اعداد الثقافية قيمة مضافة للثقافة العربية، منجز وطني وعروبي، وجزء حي ونابض من تاريخ المملكة الثقافي، وبالتالي فمن الضروري الحفاظ، أولا : على استمراريتها، كمشروع ثقافي متميز، في ظل حصار اغلب الإصدارات الثقافية العربية الجادة والقضاء عليها، وثانيا : حفظها واسترجعها بشكل رقمي، مصنف ومفهرس بشكل ذكي يتماشي مع عصر الرقمنة الذي نعيشه وتعددية الوسائط. ويساعد على تداول أعدادها عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
القصد رقمنة الأعداد الـ 700 أصبح ضرورة، ليس فقط من أجل الحفاظ عليها ضد آفة الزمن والنسيان وتدمير الورقي وموته القريب، وإنما لتعميم الفائدة من الثقافية وسهولة تداولها والرجوع إليها. لقد فاتتني بعض اعداد الثقافية.