خالد بن حمد المالك
بصدور هذا العدد من المجلة الثقافية، تكون هذه المجلة قد دخلت عامها العشرين بالتاريخ الهجري، إذ إن بداية صدورها كان بتاريخ 29-12-1423هـ وقريبًا ستدخل عامها العشرين بالتاريخ الميلادي، وخلال هذه السنوات صدر من المجلة سبعمائة عدد، أي أننا أمام ثروة ثقافية وأدبية هائلة ضمتها أعداد المجلة بصفحاتها وكتَّابها وموضوعاتها، وكان فيها نفحات من شعر، وخيال من رواية أو قصة، وموضوع نقدي، وتكريم للرواد من الأدباء والشعراء والمثقفين، بما لا يمكن حصر كل الرصيد الذي رصدته المجلة وكان باهتمام غير مسبوق.
* *
بدأت المجلة الثقافية بالصدور خارج صحيفة الجزيرة لكنها كانت توزع معها، إلى أن اضطرتنا الظروف إلى وضعها ضمن صفحات الصحيفة مع الاحتفاظ لها بالصفحات الأكثر عدداً في صفحات الجزيرة، والحدب عليها بأكثر مما هي عليه أي صفحة أخرى أو نشاط آخر في الصحيفة، وذلك لسببين:
- أهمية الثقافة كونها زاد القراء في تحسين ثقافتهم ومعلوماتهم وتطوير ملكة الكتابة لديهم، فالمجلة الثقافية تُطرح للنخبة، كما أنها تقدم معارفها للناشئة الموهوبين، باعتبارهم المشروع القادم لزيادة رصيد المملكة من المثقفين والمبدعين.
- استمرارها بالصدور بهذه القوة، وبهذا الزخم الكبير، وبكل هذه العناية الفائقة، إنما هو تكريم لأسرة تحرير المجلة بقيادة الشاعر والكاتب والمثقف مدير تحريرها الدكتور إبراهيم التركي، الذي أعطاها من فكره وثقافته وتخطيطه واهتمامه ما جعلها المجلة الثقافية الأولى التي يحرص الأدباء والشعراء والنقاد وكتاب القصة والرواية على أن يكون لهم مشاركات فيها، سواء على مستوى المملكة، أو تلك المشاركات التي تكون على مستوى الوطن العربي.
* *
ولأننا نحتفل بذكرى استمرار المجلة الثقافية في الصدور ونحن على مشارف العشرين من عمرها، رغم كل التحديات التي واجهتها وتواجهها الآن، فعلينا أن تستذكر صفحات ثقافية توقفت، وأخرى تراجع مستواها، بينما ظلت هذه المجلة الثقافية مصدر إشعاع للفكر الخلاق وتصدر إلى اليوم، وتجتمع في صفحاتها كل ألوان الثقافة، وتستكب فيها أهم الكتاب والشعراء والنقاد، وتخصص مساحة من صفحاتها لترجمة الأعمال الأدبية العالمية المهمة، بما جعل منها دوحة، كلٌّ يختار ويقتطف منها ما يناسب اهتماماته، ففي صفحاتها الكثير مما يُحسن تذوقه والاستمتاع به.
* *
وهذه السنوات التي مرت وانقضت من عمر هذه المجلة، كانت سنوات مضيئة بالعطاء الثر والعمل المدروس، وكانت سنوات كوَّنت المجلة خلالها ثروة لا تقدر بثمن من الأعمال الأدبية الكبيرة والمتميزة، بما تشكله من تنوع في الموضوعات والكتاب، جمعت بين القديم والجديد، والأصالة والحداثة، بحيادية تامة، ومراعاة لكل الأذواق والاهتمامات لدى قرائها، بما لا أجد عملاً صحفيًا ثقافيًا يجاري هذه المجلة في التعامل بحيادية ونظرة واقعية مع أطياف الثقافة، وكل هذا يعود إلى محرك العمل المضني في المجلة الزميل والصديق الدكتور إبراهيم التركي، الذي يتابع بنفسه كل ما ترونه وتقرؤونه في المجلة على مدى عقدين من الزمن من إبداع، فضلاً عن أنه يختار من يضيف إلى المجلة من الكتَّاب والنقّاد من الكتاب ما يجعلها مطلبًا وخيارًا مفضلاً لدى القراء.
* *
كل التقدير للزملاء في المجلة الثقافية، لكل قرائها، لكل من ساهم ويساهم في استمرارها بتفوّق من الكتَّاب والشعراء، للدكتور إبراهيم التركي الذي أضناه التعب، لكنه لم يتعب، لأنه يحمل رسالة، لأنه مهموم بالثقافة، ولأنه مثقف من نوع لا يجد نفسه بغير هذا الجو الممتع من جهة، والمتعب من جهة أخرى، أعانه الله.