د. تنيضب الفايدي
يطلق على منطقة مكة المكرمة بأغلب محافظاتها المذكورة وكذا منطقة المدينة المنورة بمحافظاتها اسم مميز لهاتين المنطقتين وهو الحجاز واسم الحجاز يطلق على المنطقة الممتدة من الليث جنوباً حتى حقل شمالاً وبهذه المنطقة العديد من الأودية المشهورة وعادة يطلق الحجاز على مكة المكرمة والمدينة المنورة وما بينهما بالذات، وسميت الحجاز بذلك لأنها حجزت بين نجد وتهامة؛ ولأن الحرار حجزت بينه وبين عالية نجد. وورد الكثير من الشعر حباً لهذه المواقع فهذا شاعر يطلب من حادي العيس أن يبحث عن قلبه الذي ضاع بالحجاز:
يا حادي العيس ترفق واستمع
مني وبلغ إن وصلت عنّي
وقف بأكناف الحجاز ناشداً
قلبي فقد ضاع الغداة منّي
وتذكر آخر الأبرقين بالحجاز هل هي باقية كما كان يعهدها؟
وأني لاغري بالنسيم إذا سرى
وتعجبني بالأبرقين ربوع
ويجني على الشوق نجدي مزنه
وبرق بأطراف الحجاز لموع
ولا أعرف الأشجان حتى تشوقني
حمائم ورق في الديار وقوع
وشاعر آخر يحسد الإبل أن تعطرت أقدامها بتربة الحجاز:
خلّفت قلبك في الأظعان إذ نزلت
بالمازمين زمان النفر بالنفر
ورحتَ تطلب في أرض العراق ضحى
ما ضاع عند منىً فاعجب لذا الخبر
لما طرقنا النقا كان الفؤاد معي
فضل عني بين الضال والسّمر
يا ارجل العيس تهنيك الرمال فما
أغدو بوجدي غداً إلا على الأثر
ويطلب شاعر آخر اعتراض ركب الحجاز ليسأل عن الخيف ومنى ومزدلفة (جمع) لعله يتمتع بوصفها فقد فاته أن يراها بعينه:
عارضا بي ركب الحجاز أسائله
متى عهده بأيام سلع
واستملا حديث من سكن الخيف
ولا تكتباه إلا بدمعي
فاتني أن أرى الديار بطرفي
فلعلي أعي الديار بسمعي
من معيد أيام جمع على ما
كان منها وأين أيام جمع؟
وتعدد الشعراء الذين يحنون إلى أرض الحجاز:
أحنُّ إلى أرضِ الحجاز وحاجتي
خيامٌ بنجدٍ دونها الطرف يسر
وما نظرِي من نحو نجدٍ بنافعي
أجلْ لا ولكني على ذاكَ أنظرُ
ففي كلّ يومٍ نظرةٌ ثم عبْرةٌ
لعينيكَ يجري ماؤها يتحدَّرُ
متى يسترخ قلبٌ فإما محاذِرٌ
حزينٌ وإما نازحٌ يتذكرُ
وقال أعرابي في الحنين إلى أرض الحجاز:
كفى حزناً أني ببغداد نازلٌ
وقلبي بأكناف الحجاز رهينُ
إذا عن ذكر للحجاز استفزني
إلى من بأكناف الحجاز حنينُ
فوالله ما فارقتهم قالياً لهم
ولكن ما يُقضى فسوف يكون
ويقول عباس بن الأحنف وهو بالعراق مثل الشاعر الذي سبقه:
أيا فوزُ لو أبصرتني ما عرفتني
لطول نحولي بعدكم وشحوبي
أقول وداري في العراق ودارها
حجازيةٌ في حرة وسهوبِ
ويتكرر دائماً ذكر عالج، ورمل عالج، والحجاز:
يا طائر البان قد هيَّجت أشجاني
وزدتني طرباً يا طائر البان
إن كنت تندب إلفاً قد فُجعتَ به
فقد شجاك الذي بالبين أشجاني
زدْني من النوح وأسعدني
حتى ترى عجباً من فيض أجفاني
وطِرْ لعلّك في أرض الحجاز ترى
ركباً على عالجٍ أو دون نعمانِ
وقال آخر:
سرى البرقُ من أرض الحجازِ فشاقني
وكلُّ حجازيٌ له البرقُ شائق
فواكبدي مما ألاقي من الهوى
إذا جنَّ ليل أو تألق بارق