الجزيرة الثقافية أحرى بأن تنعت بالحجْر، فمنذ ميلادها السعيد وحتى فرحها السبعمائة هذا وهي تحتضن الأقلام شاعرةً وناثرة، شابَّة وبالغة، سيدات وسادة، فحين تستعرض كتابها ترى قاماتٍ سامقة منها الباحث، المنقب، والكاتب المترسل، من رئيس تحرير صحيفة كبرى، أو أستاذ كرسي في جامعة، أو أديب لامع شهير، هذا في سائر أعدادها المعتادة، فما الظن بعددها الخاص هذا؟
وتصدق عليها أيضًا صفة الخيمة، وبصيغة أدق خيمة العرب، إذ لا يقتصر ظلها الوارف على أدباء المملكة العربية، السعودية وشعرائها وباحثيها، ولا على أبناء الجزيرة العربية وحسب، وإنما على تحتضن الأدباء العرب كافة، شأنها في هذا شأن رصيفاتها من المجلات الأدبية العربية مثل: (العرب)، والمجلة العربية، والمنهل، والفيصل، واليمامة والإشعاع، وقافلة الزيت، والخفجي، وبيادر والتوباد، وغيرها من المجلات الصادرة في المملكة العربية السعودية،
وأما من حيث المستوى الفني، فهي منافسة - بدون غلو ولا مبالغة- لشقيقاتها العربيات كمجلة العربي والكويت، والبيان، وصوت الخليج، وصوت البحرين، ونزوى، والبحرين الثقافية، والعروبة، من المجلات الخليجية، والرسالة والهلال، والزهور في مصر. والأديب والآداب والعرفان والألواح في لبنان، والخرطوم والقلم في السودان، وغيرها.
اعتدت على الاستمتاع بقراءة الجزيرة الثقافية كل يوم سبت، هذا روتين أستعيض به عن متعة الشاي والقهوة الذين خاصماني منذ ثلاث وأربعين سنة، لكن قبل بريهة من الزمن سعدت بالبقاء معها أياما أتيح لي فيها فرصة قراءتها قراءة معمقة، فقد خصت العدد (550) الصادر يوم السبت 27 من شهر ذي القعدة 1438هـ الموافق 19 أغسطس 2017م الأستاذ الصديق محمد عبد الرزاق القشعمي، وكان صدوره مصدر أسى لي إذ لم أحط به علمًا رغم ما بيني وبين أخي أبي يعرب من خلطة امتدت نحو نصف قرن -أطال الله عمر الجميع - لكن مشيئة الله، جل قدرته، اقتضت أن لا أحرم فيوضه وتوفيقاته، فبادر أصدقاء أبي يعرب ومحبوه إلى جمع ما كتب عنه في الصحف، وما حاز عليه من تكريم وجوائز وضم الجميع في كتاب، وبهذا عوّضني الله عن حرماني من الكتابة بإعداد الكتاب وإخراجه، والمشاركة في مراجعته وتدقيقه، وهذا ما أتاح لي المكوث أطول مدة مع المجلة.
** **
- عدنان السيد محمد العوامي