عند قراءة سيرة موجزة للكاتب والإعلامي المعروف وعضو مجلس الشورى السابق محمد رضا نصرالله، نجد أنفسنا أمام واحد من المثقفين الحقيقيين في الوطن العربي، وقبل هذا فهو واحد من مشاعل التنوير والتحديث في الدائرة الإعلامية التي أعطى فيها عطاء وفيرا، وحقق نجاحات هائلة؛ وبذلك حظي بمكانة مرموقة في الوسط الثقافي والإعلامي، هذا عدا المكانة المتقدمة التي حظي بها على الصعيد الاجتماعي في المملكة، واضطلاعه بدور كبير في تبني قضايا الوطن والعمل على إيجاد حلول شافية لها.
نحن أمام كاتب وإعلامي يمتلك قدرا كبيرا من الثراء المعرفي؛ والحضور الثقافي الوافر.
في خطواته الأولى نحو بناء شخصيته الإعلامية، توجه ببصره مبكرا نحو الجزيرة العربية بامتدادها الصحراوي المثير، ليكتشف عروبة المشاعر التي تنامت عبر انتقاله إلى الرياض، ومنها كانت انطلاقته القوية في مختلف أرجاء الوطن العربي.
تتسم رحلة محمد رضا نصرالله بعدة سمات، من أهممها: اندماجه في العمل الثقافي بكل طاقته الإبداعية، من خلال برامجه التلفزيونية وكتاباته الأدبية والاجتماعية ومعالجة القضايا الوطنية المختلفة. وبذلك أصبح مثار اهتمام المجتمع كله لا الشريحة المثقفة وحدها، مع طرحه المستمر للقضايا المسكوت عنها في المجتمع بكل جرأة، وشجاعة، وحرفية.
كان برنامجه الأول والشهير «الكلمة تدق ساعة» الذي بدأ بثه منذ عام 1979م، الشرارة الأولى التي فتحت آفاقا واسعة نحو النجاح، حيث استمر يحصد نجاحا بعد نجاح لعدة دورات بعد استضافة أبرز رموز الفكر والأدب والشعر في المملكة، وعلى امتداد الوطن العربي ليطرح قضايا عصرية بشكل منهجي غير مسبوق.
هكذا تتالت البرامج والمزيد من الإنجازات.. برنامج «وجهاً لوجه» و»حدث وحوار» في التلفزيون السعودي، ومنن ثم حدث الانتقال النوعي مع برنامج «مواجهة مع العصر» و»هذا هو» عبر محطة إم بي سي.
عند استعراض تجربته مع التلفزيون السعودي وإم بي سي سندرك أي ثروة ثقافية أضافها هذا الرجل إلى رصيد المكتبة العربية المرئية والمسموعة، فقد سجّل ما يزيد على ألف ساعة تلفزيونية مع أدباء، ومثقفين، ومفكرين، وفلاسفة، وساسة، وعلماء اجتماع، سعوديين وعرب، وعالميين.
تميز نصرالله بقدرته على الحوار مع الرموز الأصيلة، بمختلف تخصصاتهم. لم يكن ذلك ممكنا بغير استيعابه دروس التاريخ، وقدرته على فهم الثقافة العربية، والنصوص الأدبية التي تشربها من خزائن مكتبة والده الشيخ منصور بن حسن نصرالله التي نهل من كنوزها الثرية، بالإضافة ما قرأه من كتب حديثة تواكب العصر في المجالات والحقول الأدبية والفكرية كافة.
أدرك نصرالله أنه ينبغي أن يتسلح بثروة هائلة من المعارف استحصلها من القراءات الموثقة. وهو حين يفعل ذلك ينفتح على حقول ثقافية متنوعة؛ إيمانا منه وقناعة تامة بمكانة وثقافة ضيوف برامجه الذين ينتخبهم لحواراته بدقة مذهلة؛ لذلك يشعر أنه من الواجب عليه أن يتسلح بالثقافة الكافية والتي تليق بمقابلة عمالقة الأدب والثقافة في وطنه وفي أرجاء العالم العربي والدولي.
لقد ظل نصرالله يغترف من المخزون الفكري والثقافي، ويعمل على اقتناء أحدث ما يصدر من كتب جديدة كي يراكم خبراته الفكرية والمعرفية والثقافية، مع تعميق مساراته الأدبية. وعلى الرغم من أنه يعد من النخبة المثقفة إلا أنه بعيدا عن نبض الشارع، ومحاولة رصد قضاياه والتي كان يعكسها في زاويته الشهيرة أصوات.
لاشك أن عضوية محمد رضا نصر الله بمجلس الشورى وضعته على المحك تماما، فحمل عبء حل الكثير من الإشكاليات التي تواجه المجتمع، وقدم خلال دورات عضويته الثلاث وكتاباته الكثير من الرؤى والأفكار التي كانت مشاعل من نور أضاءت لكثير من القرارات التي رأت النور من خلال أفكاره.
** **
- فؤاد نصرالله