كلنا بعضنا الأغلب والأعم حين ندخل في تواصل مع أرواحنا «مونولوج» تتغير طريقة التواصل مع غيرنا ما أقصده تتيه مع الذي يُحدّثك، بالكاد تسمعه كأنه فوق وهو في قعر جُبٌ، فترى شفتيه تتحرك أمامك هذه الحالة أسميها متاهة الروح حديث نفس قد يسمّيها غيري وِسْواس لكنها بالأكيد تحتاج دراسة نفسيّة بمعرفة الأسباب تشخيصاً ومحاولة إيجاد الحلول الممكنة ما أقصده هل هذه الهلاوس تعدّ إبداعاً؟ وأترك الإجابة في تعليقاتك تحت هذه الحالة.
الآن دعونا أيها القرّاء أحدثكم بحكاية من هذا القبيل تقترب كثيراً مما كتبتُ، فوق، ذات مساء كنتُ منهمكاً متعباً عقلي يشتغل، رجلاي مقيّدتان عيناي كأن بهما سلاسل، حتّى حان وقت الغروب في تلك الليلة أجرُّ خلفي ذكرياتٍ طافت برأسي حينها مددت يدي اليمنى أداعب «كالمطاط» بعض خصلات شعري الكثيف أدوّره بيدي، حتى استقرت في قفاي طلوعاً ونزولاً ثم شققتُه من المِفْرَق إلى مشاش رأسي مُقَدِمته أقصد، كأنني ذاك المسؤول الذي ينتظره الحضور وعندما وصل سعادته وجد طفلة غاية في البشاعة أقصد الجمال وهي بالأصل بنت مدير المشروع وفي يديها مقصٌ وثغرها باسمٌ والمسؤول يبادلها الابتسامة خبثاً!
هنا تساقطتْ بعض الشعيرات على ثوبي الأبيض المختلط بِصُفْرة فرفعت اليسرى عالياً مبتدئاً بمنخاري الذي يشبه أنف وجه طويل وهو متمعرٌ وجهه، لله في خلقه شؤون، تزحلقت عندها على ذقني لتستقر مُنْسلّة بين أصابعي، هذه الشعيرات بيضاء قليلة قلبتُها، نفثتُ فيها لتطير رويداً....
كأنها ريشة من جناح ذِل وبتّ أسترق النظرة السلحفائية معها يمنة ويسرة حتى تصافحتْ مع ما تساقط من شعيرات رأسي وكأنها نتيجة مباراة «كلاسيكو» وجمهور غفير يهتفّ وهنا بدأت المعاناة الحقيقية وهي كلما حاولت أن أجمعهم تفرقوا مرّة على فخذي اليمنى بالقرب من السبابة متشهداً، ومرات على اليسرى الملتصقة بأصابعها وكأن بها حُمّى كالذي يخشى أن يراه أحد خجلاً من طول أظافره هذه المعركة بيننا لم تنتهِ إلا حين قال الإمام:
السلام عليكم ورحمة الله........
سطر وفاصلة
قل ما تشاء
واحذر أن تلفّ حرفي
بالغباء
دعني أَعْبُر حلمَ يوسف
فلا الشمس شمسي
ولا قمري في السماء
أنا سطرُ تلفّع بالسواد
منذ عرفت أن الحرف
فاصلتي تنثر الحزن
في صوت مواء
لا تستدر للخلف انتظر
فما يزال في جعبتي أسئلة
علّقت حلقاتها فالصمت يقتلني
يا صباحي أنت وكل المساء
** **
- علي الزهراني (السُعلي)