أمارة حبّ المرء تبدو للامحِهْ
فلا تغتررْ من مُدَّعٍ بمدائحِهْ
وقد يبلغ الحبُّ المؤثَّلُ مَبلَغًا
يُقصّر عن تصويره وصفُ شارحِهْ
وقد يستثير الروضُ شدوَ بلابلٍ
بحُسْن أقاحيهِ وطيبِ روائحِهْ
ولكن تعافُ الشدوَ فيه إذا عوى
به نابحٌ؛ كي لا تُساوى بنابحِهْ
وكم وامقٍ مثلي يحبُّ بلادَهُ
تغلغلَ فيه الحبُّ بين جوانحِهْ
وما زال ينمو في الجوانح حبُّها
وتظهر آثار الهوى في ملامحِهْ
إذا شطّ عنها اصفَرَّ وجدًا أديمُهُ
وكاد يذيبُ القلبَ حرُّ لوافحِهْ
لقد باح منه بالهوى كلُّ مَفْصِلٍ
وحسبك برهانًا تَعَدُّدُ بائحِهْ
وكم ماذقٍ غالَى? بمدحٍ مزوَّقٍ
يواري بهذا المدح بعضَ قبائحِهْ
وإن مديح الخَبِّ أعظمُ سُبّةً
وشؤمًا على الممدوح من ذمّ كاشحِهْ
فقد يمدحُ المفضالَ وغدٌ فتزدري
عيونُ الورى المفضالَ من مدحِ مادحِهْ
سيفتضحُ الكذّابُ حبًّا وإن طغى
تملّقه، بشّره يومًا بفاضحِهْ
فليس الذي يُبدي الهوى بلسانِهِ
كمثل الذي تُبديه كلُّ جوارحِهْ
لقد صنتُ حبّي عن منىً ومصالحٍ
وبعضهمُ يُبديه وَفْقَ مصالحِهْ
ولستُ بمن يُلقي رِشاءَ مديحه
ليمتحَ، أقبِحْ بالرِّشاءِ وماتحِهْ!
فما أوهنَ الحبَّ الذي شاد ربُّه
له مطمحًا منه! سيهوي بطامحِهْ
هوى وطني تِبْرٌ على رأس شامخٍ
ولستُ على تُرْب السفوح بطارحِهْ
وشتان بين الحبِّ سفحًا وباذخًا
أنا في الذرى منه، وهم في أباطحِهْ
** **
- فهد بن علي العبودي