د. صالح بن سعد اللحيدان
في مرو ونيسابور وقزوين وفي بلخ والعراق لا سيما بغداد والكوفة وفي البصرة
رأى أبوذئب وشعبة بن الحجاج وأيوب السختياني ومسدد بن مسرهد ومسعر بن كدام والقطان ومحمد بن المثنى وأيوب السختياني والرازيان أبو زرعة وأبو حاتم وكذا مثلهم عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن وارة الرازي
رأى هؤلاء أن التخصص في علم دون سواه يجعله أقرب إلى الصواب ويقوده صوب التنويع غير المسبوق فما بين عام ??? حتى ??? نشط التخصص وذاع في الأصقاع لا يلوي على شيء.
في هذه الفترة تمخض عن ذلك نتائج جعلت الرواية وجعلت الأخبار في مسلك لا يتجاوزه أحد كود أهله ذلك حتى لا تختلط الرواية والخبر والأثر حتى يتميز الخطأ من الصواب والصحيح من الضعيف.
في غضون هذه الفترة بان فائدة التخصص والمهارة فيه دون منازع.
من هنا سقطت الروايات التلقائية وسقط معها كل خبر يروى دون سند موثوق يقوم على أصل صالح.
خلال هذه الفترة ظهر مثل ابن إسحاق وابن هشام وابن منقذ وكذا الإمام ابن جرير ظهروا في تدوين التاريخ وظهر سيبويه والكسائي في النحو، وظهر علي بن الميني ويحيى بن معين وابن راهوية في الجرح والتعديل وظهر كذلك البخاري ومسلم والأربعة في الرواية
وكذا الترمذي وسعيد بن منصور المروزي والقعنبي في (العلل)
وظهر أحمد بن حنبل وأبو داود وعبد الرزاق الصنعاني و إبن خزيمة في ضبط المتون ونظر الأسانيد وهكذا في هذه الفترة بان ما كان غثاً من قبل وبان أن السند أصل لازم ولولاه لقال من شاء ما شاء.
التخصص حقيقة ضرورية في كل حقل من الحقول العلمية على أن يعرف مبكراً ليتغذى العقل به دون شائبة أو تداخل.
والتخصص يولد القدرات الفذة في مجاله لا سيما إذا لقي تحفيزاً ولقي تأييداً ومحافظة على الموهوب وعدم سماع القالة فيه.
وهذا ما جعل من ذكرتهم تواً لا يتكررون إلى اليوم ناهيك بدعوى التعالم والخلط بين شتى العلوم ليصبح المرء عالماً الأمر ليس كذلك أبداً.
إذاً الموهبة الإضافات النوعية لا تأتي من فراغ لم يقل أحد بهذا من قبل، لا سيما وقد يكون المتعالم حجر عثرة في سبيل (الموهوب) والذي من صفاته رهافة الحس والانطواء وكراهية المضايقة.
هذا هو السبيل لا سبيل سواه عند الرغبة في القفزات النوعية الخالدة.