خالد بن حمد المالك
هناك من الإعلاميين العرب مَن يوصفوا بأنهم ناكرو الجميل، ينطبق ذلك على من عمل بوسائل الإعلام السعودي من الإعلاميين العرب، فاكتسب المال، والصورة الملمعة، وعندما أثرى من وسائل الإعلام السعودية التي احتضنته، وأعطته الفرصة، ومكَّنته ليكون في عِداد الإعلاميين، إذا به يُظهر ما كان يُبطن، ويكشف عن عوراته ولؤمه، وعضه لليد التي آوته، وأطعمته، وأحسنت الظن به.
* *
هؤلاء إعلاميون عرب، مرتزقة، يبيعون ضمائرهم، وأماناتهم، وصدقهم، وإخلاصهم - إن كان قد بقي لديهم شيء من هذا - لمن يدفع لهم أكثر، حتى ولو كان ما يُدفع لهم من المال الفاسد، مقابل العمل العفن، ليكون تحول الإعلامي العربي من عمل إعلامي نظيف وشريف لا غبار عليه، إلى عمل يضع وصمة عار على جبين هذا الإعلامي، أو ذاك، ممن أصبحت أسماؤهم الحديث الصادم على ألسنة الجميع، فما هكذا يكون الإعلامي، وما هكذا تكون هذه المهنة الشريفة التي لوَّثها ويلوِّثها هؤلاء.
* *
هم ولا شك إعلاميون كُثر، ومن دول عربية عدة، لكنهم لا يشكِّلون ظاهرة، ولا أكثرية، ولا يمكن قياس نزاهة الإعلام العربي وموضوعيته على هذا النموذج الذي جاء إلى الإعلام بالخطأ، وأخذ مكانة بين وسائل الإعلام انطلاقًا من الثقة، وحسن الظن، والقراءة المتسرعة، اعتمادًا على الظاهر، دون الغوص في العمق.
* *
وكل إعلامي شريف، ونزيه، يرفض - بالتأكيد - الإغراءات بالأموال الملوَّثة، ولا يمكن أن يقبل لنفسه أن يكون له أكثر من وجه، متلوِّناً كالحرباء، متغيِّراً مع ميل الرياح، ناكثاً للوعد والعهد، بلا إحساس، أو شعور بالذنب، فقلمه أصبح في سوق لا يبيع إلا ما هو مكروه من المواقف، ولا يُعرض من هذه بضاعته الإعلامية إلا على من يتجانس مع من هم على شاكلته.
* *
أكتب هذا، وبين يدي، وأمامي، وخلفي، وفوقي، وتحتي اسمان، كانا لا شيء لولا الإعلام السعودي، الذي ملأ جيوبهما بالمال، وأركبهما الفاره من السيارات، ومكَّنهما من أن يسكنا في أرقى الأحياء، وأجمل المنازل، فقد كانا موضع الثقة اعتماداً على الظاهر في قولهما، وأحاديثهما، وما يترجماه ظاهرياً في أفعالهما ضمن ما أُسند إليهما من عمل.
* *
الأول اسمه عبد الباري عطوان، فلسطيني الجنسية - قبل أن يحصل على الجواز البريطاني - لجأ إلى المملكة، فأحسنت وفادته، ومُكِّّن من العمل سنوات طويلة في صحيفة (المدينة)، ثم في صحيفة الشرق الأوسط في لندن على مدى سنوات أخرى، وما أن استُغنِي عنه، حتى تحوَّل إلى بوقٍ متخصصٍ في شتم المملكة العربية السعودية، ينتقل من قناة إلى أخرى، ضيفاً ثقيلاً لا شأن له بشيء إلا الإساءة للمملكة بكلام قذر، ووقح، ومعلومات مغلوطة ومضللة.. والثاني اسمه جورج قرداحي، لبناني الجنسية، استقبلته مجموعة الـ M.B.C وكرَّمته ومكَّنته من العمل لديها، ومن ثم استُغنِي عنه بعد سنوات من العمل، كان خلالها يتقاضى راتبًا شهريًا 41.359.00 دولار، وعند تصفية خدماته بعد 27 سنة من العمل حصل على 1.895.866.00 دولار بحسب ما تم تداوله، خلافًا لرواتبه الشهرية، ويبدو أنه أراد أن ينتقم من فصله من العمل بالتوجه نحو حزب الله في لبنان، ونظام الملالي في إيران، ونظام بشار الأسد في سوريا، مكرراً الإساءات بحق المملكة دون حياء أو خجل.
* *
نموذجان سيئان لا يمثلان الإعلام العربي الرصين والنزيه، هما حالتان شاذتان في ممارستهما الإعلامية، وهناك من يماثلهما من الإعلاميين العرب، ولكن لحسن الحظ أن هذه العيِّنة من الإعلاميين العرب لا يشكلون ظاهرة أو أكثرية، وكل الشرفاء من المواطنين العرب ينظرون إليهما بازدراء، وعلى أنهما حالتان مصابتان بداء الرغبة في جمع المال ولو كان ما يقبضانه مالًا حرامًا وقذرًا، وأن عملهما مع مَن أحسن إليهما كان بنية تركه متى ما امتلأت جيوبهما ما لم يسبق ذلك بفصلهما من العمل، ومن ثم التوجه إلى البديل الجاهز الذي ينسجم مع توجهاتهما.
* *
المملكة تتطور بسرعة، وليس هناك من دولة تشبهها في هذا التطور والاستقرار، وهي بقيادتها وشعبها غير مكترثة بما يقوله هؤلاء، ولا تأثير يتركه كلامهما القذر عن المملكة، لا سلباً ولا إيجاباً، فليس لديهما ما يغطي المكشوف عن عمالتهما، فاللَّهم لا شماتة أمام إعلام رخيص، وإعلاميين بلا ضمير.