إنجي عمار
اللبشة لمن لا يعرفها.. مزيج من الرمل والزلط والأسمنت تصب على الأرض لتكون أساساً صلباً لأي بناء تحميه من الشروخ والشقوق والتصدع أو الميل بالبلدي علشان المبنى ميريحش ويهبط.
اللبشة الإنسانية هي رحمك جذورك وطينك وطرحك.
لنا في سورة يوسف أسوة وعبرة ورسالة {لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا}.
وحين قال إخوة يوسف اقتلوه، ورد غريب أكرموا نزله; حين أدرك يوسف الصديق أن الشكوى والعتاب بلا نفع فأسرها في نفسه.
جذورك ورحمك حين لم يؤازروك في ضعفك، وجعك، ألمك، مرضك، حزنك، انكسارك.. حين تبحث عنهم لتحتمي بظهورهم حتى لا تنكشف عوراتك ولا تجدهم فهم صور كرتونية أجساد بلا أرواح.
ماذا تنتظر حين تلملم ندبات قلبك وتداوي بنفسك أنين وجعك وتعود لتزهر.. فهل لوجودهم قيمة، أتتسول وجودهم?!
أصبحت المشاعر كالحديد لا يلين وعصية على مجرد النفاق الأسري ولو بكلمة وموقف زائف تجعلها إطاراً لعلاقة هاوية.
هل تطرح الأرض بسقي الماء المالح?!!
هكذا -للأسف- أغلب العلاقات الأسرية صدئت المشاعر وتآكلت اللبشة بالأطماع والأنا والمصالح، فضاعت البركة.
أصبحت العلاقات الأسرية كالنبت الشيطاني يضرب بفروعه بحثاً عن جذوره ليجدها خاوية.
هناك من ينفطر قلبه كمداً على أخ وشقيق في ضيق ولا تعوضه كل ملذات الحياة عن لحظة لوجوده مطمئن البال.
في المقابل من استباح رحمه وتركها تنهش بأبخس الأثمان.. استساغ ونهل من متع الدنيا ناسياً متناسياً شقيقاً في ضيق.
أعقم ما يردد -معاك بقلبي- كلمة فارغة من أي معنى لا روح فيها ولا حياة. منذ زمن ليس ببعيد كان اسم العائلة ولقب الأسرة مظلة يحتمي بظلها الجميع، كان لكل عائلة كبير يركنون ويحتكمون إليه.
كان التباهي بالأنساب والعزوة ورقة توت تواري عورات بعض الشخوص.
وصل الأمر إلى التوصية بعدم الدفن في مقابر العائلة فكيف لمن عجزوا عن ستر عورات رحمهم ولم تضمهم الدنيا، أن تضمهم ظلمة قبر ووحشته أو أن تواريهم معاً؟!
فقدنا البركة بعد أن تشتتت وتفتتت اللبشة.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.