د.خالد بن عبدالعزيز الشريدة
وهل يمكن أن يكون الاختطاف ناعمًا..؟!!
ارتبط الاختطاف بالعنف.. واستخدام الوسائل المهددة للحياة بمختلف أنواعها!!
وقد يختطف الرجل أو المرأة أو الشاب أو الصغير لابتزازات مادية أو لسلوكيات فاحشة ومؤذية!!
والسؤال: كيف يمكن لنا أن نصف الاختطاف بالنعومة؟!!
النعومة في الاختطاف تعني أن نكون معرضين لصنوف من الإغراءات في الأهواء والشهوات عبر قنوات الفضاء المفتوح ووسائل التواصل المتنوعة!!
وأشد هذه الاختطافات الناعمة أن يبقى شبابنا يقلبون ما بين أيديهم من أجهزة بالغة النعومة لاستقبال كل ما يبثه الفضاء دون حد أو عد أو رقيب أو ضمير!!
الاختطاف يحدث حينما يغيب الإنسان أيًا كان عن واقعه في أسرته وعن قرابته وعن حيه ومسجده ليكون واقفًا أو قاعدًا أو مستلقيًا ينظر أو يخاطب الفضاء بكل ما فيه من تلوث وغثاء!!
هذا هو الاختطاف (الناعم) الذي أعنيه!!
أصبح بعضنا (كبيرًا أو شابًا أو صغيرًا رجلاً أو امرأة)
مختطفًا ليس بالإجبار بل بالاختيار.. حيث هو من يقلب ما بين يديه ليستقبل ما يمكن أن يؤثر على قيمه وثقافته وكرامته.
لست هنا أتحدث عن كمية الفوائد التي يجنيها من يحسن التعامل مع أجهزة التواصل الاجتماعي.. ولكنني أتحدث عن أولئك الذين يهلكون أنفسهم ويقتلون أوقاتهم بما يجني على واقعهم ويفسد مستقبلهم.. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا!!
الاختطاف اليوم أصبح ناعمًا بدخوله إلى كل بيت وإلى كل غرفة بل نحمله معنا في كل مكان حتى -أكرمكم الله- إلى مقاعد بيت الخلاء!!
هذا (الداء الناعم) يتسلل إلينا ونحن جالسون مع والدينا ومع أصحابنا وفي مكاتبنا وفي حلنا وترحالنا.. ومن نعومته المؤذية أننا نتناقله فيما بيننا وكأن (التلوث) أصبح مطلوبًا أو محبوبًا
نتبادل فيه الضحكات (المؤسفة) ليس عليه.. ولكن على واقع يتخطفنا.. وبالأخص شبابنا وشاباتنا وكأن الأمر أصبح تقليدًا ناعمًا (وسخيفًا) ولا يخدش مروءتنا واستقامتنا وطمأنينتنا.
نقلب (السناب شات) أو (التيك توك) على من أصبح من سخفه مشهورًا..
ونحن بأيدينا نصنع المختطفين لنا وندخل على دردشات تنال من عظمة الله ومن قيمنا ووحدة أمرنا وتتجرأ بالنيل من مسلّماتنا.. وتمر وكأنها (أمر عادي) ناعم لا يخدش الإيمان ولا الحياء!!
ما لم نراجع سوياً وجميعًا هذا (البلاء الناعم في دخوله والخشن في تأثيره) سنزيد الطين بلة.. بل يصبح الطين الذي يمسك الأبنية من التصدع سائحًا مائعًا لا نفع فيه ولا منة!!
إن ملاحظتنا الاجتماعية على تعاطينا مع هذا الداء الناعم (والاختطاف الخطير) سواء في اختطاف فكرنا أو اختطاف قيمنا أو اختطاف علاقاتنا واختطاف قدراتنا ومهاراتنا والأخطر اختطاف أجيالنا ومستقبلنا.. تحتاج إلى مراجعات عاجلة وجادة على مستوانا الشخصي والأسري والمؤسسي.. وأن نعالج هذه الظاهرة المشكلة حتى لا تتجذر بشكل يجعل من (الترف) ثقافة ومن (الاختطاف) حاجة؛ يفضل الإنسان فيها العزلة ويشعر بأنها أفضل من الخلطة!!
وبذلك نخسر معنى أنس الإنسان وإنسانيته واجتماعيته.. فنهدم بطرقنا الناعمة (الخطيرة) ما لا نستطيع إعادة بنائه وتعزيز صلاته لأن وسائل الاتصال اختطفته فأصبحت في واقعنا معاول انفصال لا وسائل اتصال!!
أملي كبير في مدارسة ذلك ومراجعته (وسن القوانين لكل من يتجرأ على ديننا ووطننا ووحدة أمرنا) والخروج بتوصيات علمية وعملية لواقعنا وعلى كل مستوياتنا لأن الأمر جد ثم جد ثم جد!!