رؤية - خالد الدوس:
تؤكد الشواهد التاريخية والدلالات العقلية أن نادي الهلال الذي توج قبل أيام بلقب بطل دوري أبطال آسيا 2021 بعد فوزه المستحق في المباراة النهائية على الفريق الكوري بوهانج بهدفين دون رد وإحرازه اللقب الاسيوي الكبير للمرة الرابعة في تاريخه منفردا بصدارة المتوجين بالبطولة الذهبية كمنجز وطني كبير نفتخر به.. أنه ولد عاشقا للتحدي, فالزعيم العالمي الذي تأسس على يد رائد الحركة الرياضية بالمملكة الشيخ الراحل عبد الرحمن بن سعيد -رحمه الله - عام 1377هـ لم يمض على تأسيسه إلا أربعة أعوام فقط ليحرز لقب بطولة المملكة عام 1381هـ بقيادة حكيمة استطاعت أن ترسم هوية وملامح النادي في بواكير عمره (التأسيسي) وتبني شخصيته كبطل على أرضية صلبة لينطلق بقوة إلى منصات التتويج ومصافحة الذهب.. جيلا بعد جيل لينفرد الهلال أو (نادي السعادة) كما يحلو لمحبيه وعشاقه تسميته في القائمة الشرفية كأكثر الأندية المحلية تحقيقا للمنجزات الخالدة والبطولات الذهبية برقم اعجازي (64 بطولة) مغردا خارج السرب بأرقامه الإنجازية, وألقابه التاريخية.
هذه المنجزات الخالدة والألقاب الكبيرة لم تأت من فراغ أو رجما بالغيب، بل جاءت بناءً على المنهجية الإدارية الرياضية السليمة الذي وضع اسسها القوية ودعائمها المتينة مؤسسه الراحل العصامي (أبو مساعد) الذي كان يرى أن احترام المنافسة والمنافسين من أقوى عوامل الفوز والنجاح وهو المنهج الرياضي الأخلاقي الأصيل (المتوارث) الذي سارت عليه الإدارات الهلالية المتعاقبة خلال مسيرة الزعيم العالمي طيلة العقود الستة الماضية ليصبح العمل الإداري داخل البيت الهلال (مؤسسياً حوكمياً) يقوم على العمليات الإدارية من تخطيط وتنظيم ومتابعة, وتطوير منظومة الحوكمة في النادي, ورفع الوعي والممارسة المتعلقة بالحوكمة.. مدعوم بالكفاءات البارعة والكوادر المتسلحة بالفكر والعلم والوعي الرياضي، خلاصتها صناعة الفريق البطل..!!
كما تميز النادي العاصمي الكبير.. ضمن منهجية (مؤسسه) بأنه من أوائل الأندية بالمملكة (تفعيلاً) للأنشطة الثقافية.. وفتح أبواب الملتقيات الأدبية والندوات الثقافية, والأمسيات الشعرية قبل أكثر من نصف قرن من الزمن.. وذلك انطلاقا من كون النادي يحمل شعار (ثقافي- اجتماعي- رياضي).
وعندما تتجه بوصلة (النشاط الاجتماعي) إلى البيت الأزرق نجد أنه مثالاً رائعا, ومنهجاً وفائياً أصيلاً جدير أن يدرّس في علم الاجتماع الرياضي.. هذا العلم الفتي الذي يدرس عدة مواضيع منهجية.. أهمها التحليل البنيوي والوظيفي للفرق الرياضية والتنظيمات الإبداعية، والخلفيات الاجتماعية والفئوية لقادة وأبطال المسيرة الرياضية في المجتمع، وأيضاً دراسة طبيعة الأفكار والقيم والمواقف والمبادرات التي يحملها الرياضيون والمؤسسات الرياضية. وذلك من خلال المشاركة في الأعمال الإنسانية وتكريس مفهوم المسؤولية الاجتماعية للنادي وللاعبين, وآخر هذه المبادرات الاجتماعية ذات القيمة الإنسانية النبيلة استقبال رئيس النادي الراقي (فهد بن نافل) الطفل الكويتي خالد السعيدي من ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك استجابة لطلبه بزيارة مقر النادي والتقى الطفل الكويتي بنجوم الفريق في ملعب النادي واحتفوا به ودعموه معنوياً قبل سفره إلى لندن لتلقي العلاج..! وهي امتداد لحالات إنسانية تجّسد قيمة العمل الاجتماعي الرياضي داخل البيت الهلالي كرسالة نبيلة وغاية سامية. كما تميز النادي بمبدأ الترابط والتلاحم, وروح الوفاء بين الأجيال، ولعل الموقف العظيم الذي جسده أسطورته ونجمه الكبير سامي الجابر في نهائي الذهب الذي توج فيه الهلال بطلا لدوري أبطال آسيا عندما سجل هدفا ساميا في شباك (القيم الوفائية) حين التقى بالحارس الكبير الدولي السابق عبد الله الدعيع- شفاه الله - في درة الملاعب ضمن اللاعبين السابقين الذين حضروا (نهائي الثامنة) لمؤازرة الفريق ودعمه معنويا.. وقام بمحاولة تقبيل رأس الجابر ليبادره (ابوعبدالله) بخلق الكبار (مقبلا) يّد الدعيع بصورة تنم عن روح العلاقة الأخوية وقيم الوفاء والنبل بين نجوم الأمس الرياضي الهلالي.
وأخيرا ألف مبروك للوطن هذا الإنجاز القاري الكبير الذي يضاف لصرح المنجزات الوطنية التاريخية في ظل ما حظيت به الرياضة السعودية باهتمام كبير في رؤية مملكتنا الطموحة 2030 للوصول إلى مراتب قارية وعالمية بخطوات متسارعة تواكب الأهداف المنشودة والتطلعات المعهودة.