مها محمد الشريف
في كل مرة يتحرك العالم نحو إيران دون فائدة حتى كادت هذه الفوضى أن تصبح قدراً، وهذا ما تؤكده الوقائع والأحداث، واليوم ضمن الأهداف المعلنة والاجتماعات المكثفة انعقدت 6 جولات من المباحثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة من أجل إعادة العمل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015، لكن هذه المفاوضات توقفت إثر انتخاب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي وهو من المتشددين، ومن المقرر استئناف المفاوضات النووية في العاصمة النمساوية فيينا.
ويبدو أن إيران وضعت عدة شروط تعجيزية قبيل الجولة السابعة من مفاوضات فيينا، فهي تعيش عجزاً عن أن تبني نفسها بناءً حقيقياً، لأن طبيعتها الاقتصادية وتآكلها من الداخل والضغوط الخارجية تلازمها ملازمة الوسواس يطاردها دون هوادة، فلا تملك إلا محاولات تتدثر بالخداع والمماطلة لكسب مزيد من الوقت لتسريع وتيرة برنامجها النووي وكذلك عدم رفع القوى الدولية المفاوضة من سقف مطالبها، حتى توقفت المفاوضات النووية في 20 يونيو الماضي بطلب منها، بينما المجتمع الدولي يستعد لجولة جديدة مقررة في 29 نوفمبر وسط مخاوف من قرب طهران امتلاك سلاح نووي.
فهل ستكون المفاوضات حاسمة فعلا؟، أم أن الأمور تتجه لانهيارها وبداية المواجهة مع إيران، وهل سيتمم إدخال ملفات أخرى بالصفقة؟، مثل ملف زعزعة استقرار المنطقة بوقف دعم مليشيات الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان التي أسستها لمشروعها التخريبي، وملف الصواريخ الباليستية وملف حقوق الإنسان بإيران؟، كل هذه الأسئلة وغيرها لا نعرف الإجابة عنها، ثمة شيء واحد هو الأقرب للواقع قيد التشكيل والتحليل في الغالب المراوغة لإكمال مشروعها النووي وتفتيت الجغرافيا لصالحها.
فطهران تريد مواصلة المفاوضات لثلاثة أسباب فقط «شراء الوقت لتعزيز برنامجها النووي» و»رفع القيود المصرفية وتخفيف العقوبات»، كما نقلته وسائل الإعلام العالمية و»تجنب ذهاب الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي مع تأخير المحادثات»، هذا يعني ببساطة الخروج من المفاوضات بتعريفات ملتبسة تنتهي إلى الاصطدام بواقع لامع يحضره العالم بفتور شديد.
إن من يعتقد أن التغيير أو التحول يحدث بمرونة مع إيران فهو يسير نحو طريق مغلق فالنظام السياسي فيها سلطوي قمعي وزجري، والفوضى هي الحرب المعممة والمنظمة لإحراز نصر بلا حرب، والجدير بالذكر أن الوفد الأمريكي سيشارك «بشكل غير مباشر» في المحادثات بين الشركاء المتبقين في الاتفاق، أي إيران والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وفي اعتقادي أن معظم الدول المشاركة في المفاوضات حلفاء لطهران، بمعنى أن عوامل كثيرة تحيط بها لإنجاح مشروعها وخاصة عندما تنظر إلى الإدارة الأمريكية الحالية على أنها فرصة، لأن معظم المسؤولين الأمريكيين تحت إدارة بايدن هم من إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما أو أشخاص لهم نفس التفكير مثل روبرت مالي الممثل الخاص للولايات المتحدة في إيران.