فدوى بنت سعد البواردي
بات من الواضح أن تدهور الأراضي في الشرق الأوسط وفي أنحاء شتى من العالم، يمثل مشكلة عميقة ومتنامية، وقد تم مناقشتها كأحد القضايا الدولية الأساسية من قبل دول مجموعة العشرين في عام 2020م.
ومن أجل تحقيق أهداف وتطلعات قيادات دول مجموعة العشرين في استعادة التوازن للطبيعة والحد من تدهور الأراضي، فقد تم السعي لإيجاد حلولا شاملة على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال تنسيق السياسات والإجراءات التي يجب اتخاذها والالتزام بها. والتصحر في المملكة هو ظاهرة تتعرض لها الأراضي بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وقلة الأمطار، وتكرار ظاهرة الجفاف، وهبوب الرياح، وتناقص قدرة الإنتاج البيولوجي للأرض، وتدهور خصوبتها، وتدهور الغطاء النباتي نتيجة للرعي الجائر والتحطيب، مما ينتج عن جميع تلك العوامل انخفاض في إنتاج النباتات ونمو الغابات، وبالتالي، العديد من الآثار الاقتصادية والبيئية السلبية. وهناك من يُقدر أثر التدهور البيئي في المملكة بنحو 90 مليار ريال.
وللعمل على مواجهة تلك السلبيات ضمن رؤية المملكة 2030، فإن وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة، ومن خلال الإدارة العامة للتنوع الاحيائي ومكافحة التصحر بوكالة البيئة، تعمل بكثب على مراجعة السياسات والتشريعات والاستراتيجيات والأنظمة والأطر التنظيمية المتعلقة بالتنوع الأحيائي والحياة الفطرية والغابات والمراعي والمتنزهات الوطنية ومكافحة التصحر، في المملكة. كما تعمل الوزارة على تنظيم الإدارة البيئية المستدامة للتنوع الاحيائي ومكافحة التصحر وتنظيم استغلالها واستثمارها وزراعة ملايين الأشجار والشتلات وإعادة تأهيل مساحات كبيرة من أراضي المراعي، دعماً للسياحة البيئية. وقد اكتسبت المملكة خبرات في مجال تنمية مصادر المياه، مما يجعلها عنصرا هاما في تنفيذ مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، والتي ستعملان على إعادة التوازن البيئي، ودعم الحياة الفطرية في المملكة والشرق الأوسط.
وبالإضافة إلى ذلك، توجد الكثير من الجهود الأخرى التي تقوم بها وزارة البيئة والمياه والزراعة أيضاً في مجال البحث العلمي وإنشاء المراكز المتخصصة في المجالات المرتبطة بالتنمية المستدامة ومكافحة تدهور الموارد الطبيعية، والعمل من أجل تفادي أسباب تدهور الأراضي والتصحر وفقد التنوع الحيوي.
وقد تم مؤخراً توقيع اتفاقية تعاون مشتركة بين الأمم المتحدة ووزارة البيئة والمياه والزراعة من أجل تنفيذ بنود المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي وتعزيز المحافظة على الموائل الأرضية. وتتضمن هذه الاتفاقية توفير المملكة للدعم المادي للمساهمة في تنفيذ أنشطة المبادرة التي تستهدف خفض الأراضي المتدهورة إلى النصف بحلول عام 2040، تماشياً مع بيان وزراء البيئة لمجموعة العشرين.
كما تتضمن الاتفاقية العمل على الحد من تدهور الأراضي ووقفه وعكس مساره، والعمل جنباً إلى جنب مع المبادرات الإقليمية والعالمية التي تسعى إلى إصلاح النظم الإيكولوجية حول العالم، وكذلك مشاركة القطاعين العام والخاص في تلك المبادرات.
ومن الأهداف المرجوة كذلك، من خلال كافة تلك الجهود، هو تحقيق جودة الأراضي في كوكب الأرض، والقدرة على مواجهة التغيرات المناخية والجفاف والتخفيف من آثارهما، وكذلك تخزين الكربون في التربة، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير وظائف جديدة من خلال تنفيذ المبادرات والمشروعات ذات الصلة، مما يؤدي إلى خفض نسبة البطالة وتحسين جودة الحياة للبشرية.
** **
- خبيرة تقنية وتخطيط إستراتيجي