عثمان بن حمد أباالخيل
مؤلم على الإنسان أنْ يدخل في دوامة المقارنات التي ستدور وتعصف به وتأخذه حيث تشاء في عالم المجهول، كم هو مؤلم أن تقع في فخ المقارنات سواء في الوضع المالي والصحي والذرية والمسكن والمشرب والتعليم وعدد ما تملك من السيارات وأثاث البيت وعدد العاملات والأحفاد والسفر والراتب ونجاح الأولاد والكثير من تفاصيل الحياة. يقول المثل (من راقب الناس مات هماً). لا أعلم كيف يقسو البعض على نفسه ويظلمها ويضع نقاط ضعفه في مواجهة نقاط قوة الآخرين؟ معادلة صعبة، ولا أعلم كيف يحاول الوصول إلى خارج نطاق واقعه؟ هذا الهوس بالكمال يأتي بسبب الإصرار على الوصول إلى أمور معينة بصرف النظر عن الظروف التي يمر بها. والنتيجة هي شعور دائم بعدم الرضا. قال الرئيس الأمريكي السابق ثيودور روزفلت «المقارنة هي لص السعادة». فهناك من لا يستطيع الشعور بالرضا عن ذاته أو حياته لأنه يقارنهما بما يمتلكه الآخرون. رسولنا الكريم وجهنا لنوعين من المقارنة، الأولى المقارنة في أمر الدنيا وزينتها، والثانية المقارنة في أمر الدين وأحكامه فقال عليه السلام (انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ لئلا تزدروا نعمة الله عليكم).
لأولئك الذين يهوون ويعشقون المقارنة مع الآخرين تذكر أن المقارنة سوف تزعزع ثقتك بنفسك وإذا أردت أن تشعر بالإحباط فقارن نفسك بغيرك، وإذا أردت أن تشعر بأنك أقل من الآخرين قارن نفسك بغيرك، وإذا أردت أن تحس بخيبة الأمل والمرارة قارن نفسك بغيرك. وما أصعب تلك المشاعر السلبية تجاه الآخرين فالمقارنة بالآخرين تدمر حياتك وتحرمك السعادة التي يسعي إليها كل إنسان، مع اختلاف تعاريف السعادة بالرغم من المحاذير من المقارنة لكن هناك نافذة صغيرة للمقارنة وبحدود لا تتعدى الهوس والقفز وظلم النفس التي لها حدود وإياكم وإظهار نقاط الضعف بدلًا من نقاط قوتك. وإنه من الطبيعي أن نتمنى الحصول على ما يمتلكه غيرنا، فهي طبيعة النفس البشرية. هذه المقارنة نوعاً من «ظلم الذات والتقليل رغم أن لكل إنسان ما يميزه من صفات جميلة عن الآخر».
(لكيلا تخسر نفسك لا تقلد غيرك، لا تقارن حياتك بالآخرين، لا تتحدى إلا ذاتك، ولا تنتقد أمراً وأنت لم تجربه) مارك توين.
أولئك المهووسون بالمقارنة ألا تعلمون أنكم دخلتم في متاعب نفسية ودلالات على ضعف الشخصية وهشاشتها وانكسارها أمام إنجازات الآخرين.. ونسيتم أنكم دخلتم في عالم الهواجس والقلق والحزن والاكتئاب والحسرة والنقمة (ففي أي شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرة وَقَدْ قَسَمَ الرَّحْمَنُ رِزْقَ الْخَلاَئِقِ) الإمام الشافعي. وأشد وأصعب المقارنات كما أرها المقارنة بين الإخوة والأخوات في تفاصيل حياتهم.