واس - الرياض:
تشهد العلاقات السعودية العُمانية في هذه المرحلة التاريخية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان -حفظهما الله- تطورًا ملحوظًا في العمل المشترك واستثمار المقدرات الوطنية في مختلف المجالات، بما يعود على البلدين بمزيد من الازدهار وتحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين، مدعومة برؤية المملكة 2030 ورؤية عمان 2040. وكما هي العلاقات بين المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي التي تنطلق من مبادئ الأخوة ووحدة المصير المشترك، عزّزت العلاقات بين الرياض ومسقط دعائم «البيت الخليجي»، لتمد جسور التفاهم والحوار مع مختلف دول المنطقة والعالم لتحقيق الأمن والاستقرار. واتسمت العلاقات بين البلدين الشقيقين ـ وهي تتخطى بعمرها نصف قرنٍ ـ بالتعاون والاحترام المتبادل بين القيادتين والتفاهم حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية، فيما تجمع أبناء الشعبين وشائج الإخاء، يؤطرها التاريخ المشترك والعادات والتقاليد العربية الأصيلة والموروث الشعبي والثقافي، كما هو الحال مع الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتهدف جهود المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان مع أشقائهما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى تحقيق التنسيق والتكامل بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات وفق رؤى وأهداف إستراتيجية مشتركة؛ لتتماشى مع أدوارهما في جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومع الأسرة الدولية في الأمم المتحدة لدعم جهود السلم والاستقرار والأمن. وتدفع المتغيرات المتلاحقة في المنطقة قيادتَي البلدين إلى مزيد من التعاون على المستويين الثنائي والخليجي والإقليمي للمضي قدمًا في إرساء دائم للأمن والاستقرار وانعكاساتها إيجاباً على برامج التنمية وخدمة شعوب المنطقة.
وتأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ـ حفظه الله ـ لسلطنة عُمان، استكمالاً لنتائج زيارة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق للمملكة استجابة لدعوة أخيه خادم الحرمين الشريفين في أول محطة خارجية لجلالته منذ توليه مقاليد الحكم في يناير 2020م، لتعزيز الروابط والوشائج الأخوية الراسخة والتاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين على المستويين السياسي والشعبي ، وتحمل دلالة على المكانة الكبيرة للمملكة وما تمثله من أهمية للسلطنة. وكانت زيارة سلطان عمان إلى المملكة في الأول والثاني من شهر ذي الحجة وما صاحبها من توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مجلس تنسيق سعودي عُماني، وتوجيه الجهات المعنية بالإسراع في افتتاح طريق مباشر يربط البلدين الشقيقين، قد مثَّلت نقلة جديدة في العلاقات السعودية - العُمانية سعياً إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بينهما. وتأتي أول زيارة رسمية لسمو ولي العهد لسلطنة عُمان في ظل تنامي العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وبهدف بحث سبل تعزيز العلاقات في المجالات كافة، بما يخدم تطلعاتهما، إضافة إلى بحث مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك. ويتطلع البلدان إلى أن يسهم تأسيس مجلس التنسيق السعودي العماني، في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية، وكذلك في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية بما يخدم أهداف البلدين،ويحقق آمال وتطلعات القيادتين والشعبين الشقيقين، ويعمل البلدان الشقيقان على تعزيز التعاون المشترك في مجال الاستثمار والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، وإعداد خطة عمل حول العلاقات الاقتصادية المشتركة بما يخدم توجهات البلدين لتحقيق رؤية «المملكة 2030» ورؤية «عمان 2040»، وما تتضمنه الرؤيتان من مستهدفات ومشاريع للتنوع الاقتصادي قابلة للاستثمار بين الجانبين. وفي إطار العمل المشترك بين البلدين لتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما تشكّل رؤيتَا المملكة 2030 وعُمان 2040 قاسماً مشتركاً في مجال التجارة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة؛ لإيجاد عدد من الفرص الاستثمارية الواعدة في مجالات الطاقة المتجددة والبتروكيماويات والخدمات اللوجستية والتكامل في المناطق الاقتصادية وسلاسل الإمداد، والسياحة والتعدينوالترفيه والرياضة والصحة والتقنيات الحيوية والاتصالات وتقنية المعلومات، وغيرها من الفرص الاستثنائية ذات الجدوى الاقتصادية العالية التي بدورها تحقق لكلا البلدين تنوعًا في اقتصادهما ومصادر دخلهما. كما تُعدُّ مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أعلنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- مجالاً واعداً للتعاون بين المملكة وعمان في مكافحة التغيُّر المناخي.
وتعزيزاً للجهود التشاركية يتطلع الجانبان إلى أن يسهم «تأسيس مجلس التنسيق السعودي العُماني» في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات، ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنموية والبشرية، كما يتطلعان إلى أن يسهم استكمال مشروع الطريق البري المباشر بين المملكة وعُمان الذي يمتد إلى مسافة تتجاوز 680 كيلومتراً بعد افتتاحه -بمشيئة الله- في تسريع وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، لاختصاره نحو 800 كيلومتر من زمن الرحلة، ما سيفتح المجال أمام حركة البضائع من المملكة مرورًا بالطرق البرية في السلطنة وصولاً إلى موانئها، ومنها تصدّر إلى مختلف دول العالم. وسيُوقَّعُ خلال زيارة سمو ولي العهد إلى السلطنة 12 اتفاقية لمشروعات استثمارية بمليارات الدولارات، بين الجانبين السعودي والعُماني، في قطاعات: النفط والطاقة، والصناعات البتروكيماوية، والخدمات اللوجستية البحرية والبرية، والتعدين، والمشروعات العقارية، والصناعات الغذائية (استزراع الجمبري)، وستدعم هذه الاتفاقيات تحول الموانئ العمانية إلى منفذ للصادرات السعودية النفطية وغير النفطية إلى العالم يذكر أن إجمالي حجم التبادل التجاري بين المملكة وعُمان العام الماضي 2020م، بلغ 3.36 مليارات دولار، شملت منتجات الحديد والصلب ومنتجات كيميائية عضوية، فيما بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى سلطنة عُمان 1.16 مليار دولار، شملت منتجات معدنية ومصنوعات من الحديد والصلب والأغذية.