إيمان حمود الشمري
جاءت فكرة الرياض آرت ضمن أربعة مشاريع ضخمة أصدر التوجيهات لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وبرئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، تصب اهتمامها على القلب النابض للمملكة العاصمة الرياض بتحويلها لمدينة نموذجية صديقة للبيئة منافسة، وبيئة جاذبة للاستثمار والسواح ورفع تصنيفها بين مدن العالم، وذلك بالتركيز على فعاليات تمزج الثقافات وتتيح الفرصة لتبادل الخبرات، وترفع المستوى الفكري والذائقة الفنية لسكان المدينة وزوارها.
وبدعوة خاصة ومميزة للإعلاميين زرت الفعالية الثانية التي أطلقها برنامج الرياض آرت «ملتقى طويق الدولي للنحت» والذي يقام تحت عنوان: «شاعرية المكان» في حي جاكس بالدرعية، وهو عبارة عن معرض للنحت شارك فيه 20 فنانًا محليًا ودوليًا، تم اختيارهم من قبل لجنة خبراء دولية استقبلت طلبات أكثر من 400 متقدم حول العالم، إذ يعتبر النحت من أقدم الفنون التي قام بها الإنسان ما قبل الميلاد لعكس صورة الواقع بعمق أكبر من الرسم لما له من أبعاد ثلاثية تعطي تصوراً أكثر واقعية للشكل الحقيقي من جميع الزوايا، ويعتبر وثائق شاهدة ومراجع تعكس الحياة اليومية والحياة الدينية لعدة حضارات قامت بتوثيق أحداثها من خلال النحت منذ زمن، بصفته أكثر استمرارية واستدامة من الرسم.
في زيارة ممتعة لمعرض النحت تجولنا فيه بين أعمال الفنانين وشاهدناهم أثناء العمل على منحوتاتهم وطرحنا عليهم الأسئلة للاستفسار عنها وشرحها لنا، إذ غالبًا ما يكون الفنانون من أكثر الناس تواضعًا لارتباطهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه وامتلاكهم القدرة على عكس البيئة والواقع من خلال أعمالهم. ولفت نظري اهتمام فنانة رومانية مُشاركة (آنا ماريا) استخدام الحروف العربية في عملها الذي أطلقت عليه اسم المتاهة أو اللانهائية، إذ ركزت في عملها على استخدام الحروف العربية نظراً لما تراه من جمالية الحرف العربي وطريقة رسمه الفنية رغم أنها غير ناطقة باللغة العربية، وشاركتني بصور لعدة أعمال قامت بها باستخدام الحروف العربية والآيات القرآنية، كما عبر الفنان السعودي حيدر علوي الذي كان دوره في المعرض هو الإشراف على ورشة عمل يتكلم فيها عن النحت ويسمح للزوار بالمشاركة في هذا الفن كنوع من التجربة الخاصة للزوار، إذ يعتبر هو شخصياً فن النحت أحد أساليب تفريغ الطاقة السلبية بعيداً عن الصدامات وبطرق إيجابية.
وهكذا تسير الرياض نحو خطة مرسومة محددة الأهداف لتحويلها مستقبلاً لمدينة حيوية تلفت الأنظار بتركيزها على تنمية الجانب الفني ورفع الوعي الثقافي للاهتمام بالفن واحتضان الموهوبين وإبرازهم وتسليط الضوء عليهم ودعمهم، واستقطاب أعمال فنية من مختلف أنحاء العالم من أجل تبادل الخبرات وعمل مزيج منسجم من الثقافات يثري الساحة الفنية والثقافية، إضافةً إلى تحويل الأماكن العامة المهملة لساحات تعبق منها رائحة الثقافة والفن ويرتادها آلاف الزوار.