الهادي التليلي
إذا كان الاقتصاد الأخضر حسب التفسير المرجعي هو «المبني على توليد كميات قليلة من الكربون، ويكون الدخل ونمو العمالة فيه مدفوعين بالاستثمار الخاص والعام في الأنشطة الاقتصادية، والأصول، والبنية التحتية التي تُعزّز من كفاءة استخدام الموارد والطاقة، وتسمح بتقليل نسبة التلوث، وكميات الكربون المنبعثة، وتجنّب فقدان التنوع البيولوجي» فإن الترفيه الأخضر هو الترفيه الذي ينبني أساسًا على عذرية الطبيعة وتكون نسبة الكربون فيه صفراً دون تدخل لمعطيات الحضارة المعاصرة بأي شكل من الأشكال حيث تكون المدن الترفيهية العملاقة خالية من السيارات والمصانع الباعثة للدخان وليس هذا فقط بل غياب كل الوسائل التي تسبب انبعاثات كربونية فهذا النمط من الترفيه لا يحتاج إلى الصخب الحركي المفرط والإنارة الحادة والنسق السريع في الأفعال والألعاب إنه الترفيه التأملي حيث كل المكونات المشكلة لعالمه طبيعية وذات صلة بالإنسان وصحته ومستقبله.
الترفيه الأخضر لا يكون بلا ألعاب أو جهد حركي بل بالعكس فإن الجهد الحركي للإنسان في حواره مع الطبيعة في عذريتها يحضر بكثافة ولكنه في صلته بالطبيعة يحافظ على عذريتها وهي مسألة مهمة جدًا إذ إن الترفيه الذي يؤمن الجهد الحركي وفعالية الاسترخاء معاً كترفيه ما يشبه الكاثرسيس أي التطهر والاغتسال النفسي على عكس الترفيه المدني في مؤسسات الألعاب العملاقة حيث تمكن من عملية الإفراغ dechargement ولكن ينتهي الأمر عند ذلك حيث تمكن مستهدف العملية الترفيهية من القيام بالجهد الحركي وعيش مغامرة اللهو واللعب ولكن لا يصل ذلك إلى الاسترخاء والتخاطب مع الذات ومن ثم التفكير وبناء شخصية ومشاريع مستقبلية وربما إبداعات.
الترفيه الأخضر يحرر المستهدف من عملية الترفيه من احتلال الآلة والبرمجيات والعالم الافتراضي إلى عالم نظيف مكوناته طبيعية وحتى وسائل تنقله هي من الحيوانات والوسائل غير المؤذية وفي الجانب المرفه منها كما في مسار ذا لاين السياحي بنيوم حلم البشرية وملاذها نحو مستقبل ما بعد الحداثة نجد الانتقال السريع بالطاقة الهيدروجينية.
الترفيه الأخضر the green entertainment هو ذلك الترفيه الذي يحملك إليه بالمشاركة والفعل الحركي بما يشبه لحظة البداية الأولى وهو ليس بلحظة الإنسان المتوحش روبنسون كريزواي وإنما هو ترفيه متطور لدرجة كونه يتجاوز هيمنة الآلة وسطوة الحضارة المدنية وتغولها هو ترفيه يحرر الإنسان ويوحده مع الزمن المطلق وفي كلمات هو الترفيه البناء للإنسان والمحافظ على بيئته. ولو نظرنا إلى تجربة نيو زيلاندا التي إن لم ترتق إلى لحظة ذا لاين الإبداعية ولكنها تجربة غاية في الروعة واستطاعت أن تجذب الزوار من مختلف أرجاء المعمورة حيث أنشأت مدناً ترفيهية بلا دخان الكل بين أحضان الطبيعة الغناء وبذلك حققت معادلة جد بناءة بين الترفيه والبيئة يصبح فيها الترفيه مكوناً اقتصادياً صلباً من دون أن يمس بالبيئة كمكون فاعل في الاقتصاد الأخضر الذي يراهن على الاستثمار في البيئة والإنسان في الوقت نفسه.