عطية محمد عطية عقيلان
يصادف يوم 5 ديسمبر الاحتفال باليوم العالمي للتطوع، لشكر وتحفيز الأفراد على المشاركة في العمل التطوعي لنمو البشرية وخدمة الإنسانية، وهي أرقى أنواع التكافل بين أفراد المجتمع وأقصى درجات المشاركة المجتمعية لجميع الفئات للاستفادة من الخبرات والأوقات لمختلف التخصصات التي يحتاجها المجتمع وأفراده، والمحفز والجميل في الجانب التطوعي أنه أصبح هناك إدراك ووعي لأهميته، فأنشأت منصات تطوعية وصحية وغيرها، وهناك منافسة بين الشركات الخاصة لإطلاق مبادرات وبرامج تدريبية لتأهيل المتطوعين، كما الأندية تتسابق من خلال إدارة المسؤولية الاجتماعية بإطلاق مبادرات تطوعية في مختلف حاجات المجتمع، وتشرفت بأن أكون من ضمن أعضاء فرسان التطوع التي أطلقها نادي النصر لتأهيل متطوعي النادي لتقديم خدمات للمجتمع، كما أن هناك الكثير من المبادرات التي تقدم خدمات ملموسة على أرض الواقع كما حدث في مبادرة تطوعية لتنظيف كورنيش جدة أو الثمامة في الرياض، مع الحاجة إلى برامج مستمرة ودائمة وواضحة لفرق تطوعية تقدم خدمات تنظيمية وعملية والاستفادة من خبرتهم أو وقتهم بما يعود على المجتمع بالفائدة.
وهذه المبادرات التطوعية محفزة للمتقاعدين أصحاب الخبرات من أطباء ومهندسين ومعلمين وعسكريين وإعلاميين.. وغيرهم، مفيدة لتطور المجتمع وتلاحمه وقضاء أوقات مفيدة وأجر ديني كبير، وهي ترسيخ لمبادئ التكافل والتعاون والمشاركة والمسؤولية الاجتماعية وجبر الخواطر وزرع الثقة بين أفراد المجتمع، وتحول إيجابي للاستفادة القصوى من الوقت بعمل مفيد ومثمر وشعور بالحياة وأهميتك بالمشاركة المجتمعية، وهي طريقة عملية للشاب لاكتساب الخبرات وتكوين العلاقات ومد يد العون والمساعدة.
وأجمل ما في العمل التطوعي أننا جميعاً ممكن أن نسهم فيه بالوقت والمكان والطريقة المناسبة لنا، وحسب إمكاناتنا ومهاراتنا وخبراتنا، ولا يشترط أن يكون عملاً ضخماً أو مكلف مادي أو صحي، فالتطوع عادة يجب أن ننميها في أنفسنا ونتعود عليها لتصبح نمط سلوك، فما تقوم به من إزاحة العوائق في الشوارع، وما تزرعه من شجرة أو تكتبه من مقالة عن حاجة لشخص أو قرية أو حي، وما يحذر منه الصيدلي من أدوية، وما يقدمه الطبيب من تنوير للمجتمع وتزويده بالمعلومات الصحية عبر مختلف المنصات الاجتماعية هي من باب التطوع، الذي نقوم به من وقتنا وعلمنا وخبرتنا ويسهم بشكل إيجابي بالفائدة على الناس والمجتمع.
فعزيزي القارئ باب التطوع رحب وكبير ومتاح للجميع ومناسب لأي شخص ومجتمع، وهو حاجة ضرورية للمجتمعات لكي تنهض وتتطور ويشعر أفراده بالانتماء والامتنان فيه، ولا بد أن نحفز أنفسنا وأبناءنا على فعل الخير وتقديم يد المساعدة والإسهام بالوقت والجهد والمال حسب الإمكانات، مع مفهوم «اعمل خيراً تلقى أجراً»، وهي منهج حياة نؤمن به ونعلم يقينا أن كل عمل تطوعي سيرتد علينا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولتكن المسؤولية الاجتماعية حاضرة في كل سلوك نقوم به بدءًا من شراء الملابس والأكل واستخدام الطاقة والماء، ونستشعر بالمسؤولية بالاستهلاك المعتدل لها، وهي من باب التطوع في الحفاظ على الموارد الطبيعية والإسهام في ديمومة وتوفر الحياة للجميع، ولنكن شاكرين لكل متطوع في مجتمعنا، ونقدم له الثناء والمديح على دوره الإيجابي فيما يقدمه، وأستحضر تجربة محفزة للتبرع بالدم وهي منح المتبرعين لعشر المرات مجاناً «ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة»، وهي شكر من الدولة لهم، وتشجيع للآخرين بالإسهام الإيجابي في مجتمعاتهم، ويوجد باب سهل ومتاح للجميع وبضغطة زر، ويحتاج إليها المجتمع وتسهم في إنقاذ وحياة الناس، وهي التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وتصبح «متطوعاً ذهبياً»، ونختم بمقولة لغاندي «جميل أن تعرف معنى العطاء، والأجمل أن تعطي».