محمد أحمد أبوبكر
من أسوأ الأمور في الحياة أن تكون بلا طعم ولا رائحة، بمعنى أن تكون بلا هوية تميزك، ولا شخصية تبرزك، ولا رأي يحددك، ولا طابع يشهرك.
وطوال الوقت تصبح وتمسي بكونك ظلاً وإمّعة لأحدهم، منعدمًا تمامًا، كريشة في مهب الريح أو كالميت بين يدي غاسله كما هو معروف عند المريدين من أتباع المتصوفة وغيرهم من المخرّفين.
كيف السبيل إلى الاستقلالية في الرأي؟.
هذا يكون بإدراك أن الله تعالى لمّا خلق الخلق مختلفين في أشكالهم وألوانهم وسحناتهم ولغاتهم فإنه كذلك خلقهم مختلفين في الأفكار والطبائع والأمزجة، والاختلاف سنة كونية إذ إنه لو اتحدت الأذواق لبارت السلع.
الاستقلالية في الرأي ليست تكبرًا على الناس ولا استنقاصاً منهم وإنما هي دلالة على أن صاحب الرأي المعين في قضية ما قد أدار فكره وأعمل عقله من جميع الجهات واستفرغ وسعه واجتهد ما استطاع، فلا يأت أحد لكي يملي عليه رأيه المخالف.
وهنا نقطة مهمة، فإن كان الرأي منطقيًا وسليمًا وصائبًا، فلك أن تتشبث به، ولكن إن كان الرأي المخالف هو الأصح، فالرجوع إلى الحق فضيلة والتمادي في الخطأ عناد وسفه.
ومن العقليات السائدة في بعض المجتمعات عقلية القطيع، ومن يقدّر نفسه حق قدرها لا ينساق أبداً إلى مثل هذه الترهات، فالله تعالى أعطانا عقولاً كي نتدبر بها ونتبصّر ونعي ونفكر.
الاستقلالية في الرأي تعني أن صاحبها قوي الشخصية لا يرضخ ولا يتنازل ولا يلين بسهولة، وهي نتاج عوامل نفسية ومعرفية وثقافية، وكلما كان الشخص أكثر ثقة بنفسه، وواسع الاطلاع، ودائم البحث، تبلور ذلك كله في شخصيته وفكره واتجاهه.