د. محمد بن إبراهيم الملحم
وضحت فيما سبق أهمية التعلم الاختياريFree Choice Learning وضرورة زرع مفهوم وممارسات هذا النوع من التعلم منذ الصغر بواسطة الوالدين، ذلك أنه أداة مهمة من أدوات الحياة نفسها قبل أن يكون أداة للتعلم واكتساب المعرفة، من المهم اليوم أن أضيف أن التعلم الاختياري هو صلب ما تقدمه الجهات غير التعليمية إما للتوعية أو لنشر المعرفة والمهارات في مجالات معينة ترتبط برسالة تلك الجهات، ومن أمثلتها: المتاحف والمعارض والمراكز الفنية والنوادي الثقافية والمراكز العلمية وما إليها، ويكون هذا التعلم من خلال ما تقدمه من معارض توعوية أو محاضرات وندوات أو مخيمات صيفية وشتوية وما إلى ذلك من الفعاليات والأنشطة التي يحضرها الزائر بطوعه واختياره رغبة منه في التعلم واكتساب معرفة جديدة عليه أو تنمية مهارات أساسية أو التعرف على توجهات جديدة أو فهم مضمونات حديثة، وهذا النوع من التعلم هو أفضل أنواع التعلم لأن الفرد متوجه كلياً لاكتساب المعرفة بل أحياناً يدفع المال من أجل إمكانية الحضور.
الجهات التي يتضمن محتواها «التعلم الاختياري» تتزايد في بلدنا فهناك حركة نحو تأسيس وتنشيط المتاحف واهتمام بالمعارض وتنامي ثقافة زيارة هذه المعارض وأماكن الفعاليات التثقيفية، كما أن المؤسسات غير الحكومية تتجه إلى تقديم خدماتها للمجتمع ضمن برامج المسؤولية المجتمعية في مجالات التثقيف والتوعية ودعم المعارض ورعاية الملتقيات، وهذا يعد بنمو جيد في هذا المجال، يضاف إليه اهتمامات الأفراد بإنشاء متاحف شخصية تقدم للجيل الجديد تاريخهم القريب من خلال مقتنياتهم التراثية الشاملة، وينبغي أن يولي الجميع عناية بتقديم المحتوى المناسب الذي يدعم «التعلم الاختياري» ولا يكتفي بالمعروضات دون شروحات (كما لاحظت في كثير من المتاحف الشخصية) أو بطاقات التعريف المختصرة كما يلاحظ في عدد من المتاحف والمعارض، بل ينبغي أن تقدم للزائر المعلومات الكافية لإشباع تطلعه للتعرف على ما يعرض، ويمكن الاستعانة بالأدوات الإلكترونية وتقديم روابط هايبرلينك تأخذ الزائر إلى حيث يريد: الإجمال أو التفصيل أيهما شاء. أما معارض ومتاحف ومراكز المؤسسات فهي مطالبة بتأسيس أقسام تعليمية لديها تضم متخصصين يقدمون المحتوى للزائر بطريقة منظمة وشمولية جاذبة يخرج من خلالها بخلاصات معرفية ذات قيمة، وهذا تخصص يدرس ومجال مهم في صناعة المعارض والمتاحف، فلا يجب أن يترك للاجتهادات الشخصية مما يحرم الزائر متعة التعلم والحصول على المعرفة الكافية التي كان يمكن أن يكتسبها من خلال الزيارة لو تم تنظيم المحتوى بالطريقة العلمية المنهجية، بل إني أذهب أبعد من ذلك لأتمنى أن توجد معارض متخصصة بطلاب المدارس ليتم تنميط محتوى المعروضات كماً ونوعاً بما يتناسب مع المنهج المدرسي لتقوم هذه المعارض بدور مساند للمنهج بطريقة شبه مباشرة فتجعل من ممارسة زيارة المعارض بروفة مميزة لدرس التعلم الاختياري لطلابنا.