فيصل خالد الخديدي
يربط عدد من الباحثين والمؤرخين والكتاب بداية الممارسة التشكيلية في المملكة العربية السعودية ببداية إقرار مادة التربية الفنية عام 1954م كمادة أساسية بالتعليم العام، باعتبار أنه أول اهتمام واعتراف رسمي حكومي أو مؤسسي بالفن وممارسته وهي وجهة نظر ربما تحمل شيئاً من الصحة ولكنها ليست دقيقة وأغفلت ما قبل ذلك التاريخ من الممارسات الفنية التي لم تُرصد، إضافة إلى أن الممارسة الفنية هي لغة تعبير وأسلوب حياة عاشها الفرد والمجتمع في جميع مفاصل الحياة من رسومات وأزياء وعمارة ونسيج... سواء كانت بشكل منظم مقصود أو بشكل عفوي فطري فهي مظاهر فنية تستحق الرصد والتوثيق لها، ومن الإجحاف إغفالها فالفن ممارسة وجزء من أسلوب الحياة التي عاشها الفرد والمجتمع وله كثير من الشواهد والمنجزات التي لازالت تنبض بالفن وتشي بالمستوى الذي عاشه المجتمع سابقاً من تقدير للجمال وممارسة للفن، وهو ما يستوجب إعادة قراءة وتوثيق هذا الإرث وربط المراحل السابقة بما نعيشه اليوم من استمرار للفن وتطور واهتمام.
إن إغفال قراءة تاريخ الممارسة الفنية محلياً بالشكل الأكثر توسعاً ودقة جعل عدداً من الأصوات الناعقة سواء من الخارج أو من بعض مسترزقة الداخل تروج لفكرة أن مجتمعنا عدائي للفن وغير متقبل له بل إنه مجتمع طارئ على الفن ولا يملك جذوراً ولا إرثاً وليس له امتداد للفن وممارسته وتقديره للفن حديثة وآنية لا تتجاوز إقرار مادة التربية الفنية في مناهج التعليم العام وما تلاها من مراحل.
إن إعادة قراءة تاريخ الممارسة التشكيلية المحلية بشكل دقيق ومنهجي وعلمي وربطها بما تعاقب من حضارات، ربما تكون مهمة شاقة ولكنها ليست مستحيلة ونملك محلياً الكثير من الإمكانات البشرية، والمادية، والاهتمام الحكومي الذي يذلل الكثير من العقبات ويجعل المشروع مشروع دولة يقوم به أبناء الوطن من أكاديميين ومؤرخين ونقاد وكتاب فالانتصار للفن المحلي وتقديره لا يبدأ من الخارج بل يُبنى ويؤسس له وينمو بجهود وفكر أبنائه من الداخل، وتكاتف المؤسسات الحكومية الثقافية والأكاديمية يكفل لهذا المشروع وغيره من المشاريع الوطنية النجاح والرقي.