مكة المكرمة - المدينة المنورة - واس:
أدى المصلون أمس صلاة الاستسقاء بالمسجد الحرام يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، وأم المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس, حيث ألقى خطبة أوصى فيها المسلمين بتقوى الله عز وجل ومراقبته وطاعته وعدم معصيته والتوبة إليه واستغفاره والتضرع إليه وسؤاله، كما أنه من المقرر عند المؤمن أنه ما من بلاء يحلُّ بالمسلمين إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة».
وأضاف فضيلته إن ما عم كثيرا من الأرجاء، وغدا في المجتمعات من الابتلاءات والأرزاء، لا منجي منه إلا لزوم التوبة والاستغفار للعزيز الغفار.
ودعا فضيلته المسلمين إلى الإخلاص في العبادة ولزوم السنة والجماعة والوسطية والاعتدال والبعد عن الذنوب والمعاصي واجتناب والتساهل في حقوق العباد وتعزيز مجالات القدوة والنزاهة واحذروا الفساد والتعدي على الأموال العامة والخاصة وانتزاعها بالبهت والاحتيال، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، ومراقبة الله في خلقه والمعاملة بما يحب المرء أن يعامله الله من الرفق والرحمة وإعلاء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع شعار الفضيلة والتجافي عن الرذيلة والحفاظ على العفة والحياء والحجاب والاحتشام. وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أنه من آثار الذنوب حرمان الرزق قال صلى الله عليه وسلم :(إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه) وما استجلب رزقُ الله بمثل تقوى الله واجتناب المعاصي فتقوى الله سبب الفلاح في الدنيا والآخرة، وجاء في الحديث (لن يهلك الناس حتى يعذِروا من أنفسهم) يعني أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم فيستوجبوا العقوبة ويقيموا لمن عاقبهم العذر في ذلك.
وأبان فضيلته أن العالم اليوم يعيش ويترقب تحديا جديدا يتمثل في نقص المياه، ويطالب المهتمون بتحقيق الأمن المائي؛ فإن من عظيم البشريات ما تقوم به بلادنا -بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله وأدام خيرها مدرارا – من إحياء هذه السُّنة القويمة في الاستسقاء والدعاء، مع الأخذ بالأسباب الشرعية والمعاصرة في توفير المياه عبر وسائل عديدة منها: تحلية مياه البحر عالية الجودة، وإيقاف الهدر المائي، وتخفيض الاستهلاك الزراعي بالوسائل الحديثة، وتَبَنِّي الاستراتيجيات الوطنية للمياه؛ التي تعمل على تحسين إدارة الطلب على المياه، واستخدامها وترشيدها، مما يعزز الأمن المائي، ويؤدي إلي استدامة مائية أكبر في هذه البلاد المباركة.
من جهة أخرى أدى جموع المصلين أمس صلاة الاستسقاء في المسجد النبوي الشريف يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، حيث أمّ المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير الذي بين في خطبته أن طمأنينة النفس وقرة العين وسكينة الفؤاد وسعادة الروح أن يكون العبد منكسراً بين يدي مولاه متذللاً لعظمته.
وقال فضيلته: «من كملت عظمة الحق تبارك تعالى في قلبه علم قدر نفسه وافتقاره إلى خالقه في كل طرفة عين وانتباهتها وأن الله هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له، فحسبنا الله لما أنابنا إياه نرجو وبه نستعين فإذا انحبست الأمطار وجفّت العيون والآبار وعطشت النخيل والأشجار وأصبحت الأرض هامدة يابسة متطامنة قد انصاحت جبالها ويبست رياضها واغبرّت دروبها فلا يملك غياثها إلا الربّ الكريم الذي يدبر أمر الخلائق ولا يشغله شأن عن شأن ولا تغلّظه المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير بقدرته العظيمة ومنّته العميمة».
وأضاف «العطايا من فضله تُرتَقَب، وهو المرجوُّ لكشف الكُرَب، فكم مِنَح أعطا، وكم مِحنٍ كفى، له الحمدُ والشكرانُ والمن أجمعُ، يعفو ويمحو ويصفح، ويغفر ويستر ويمنح»، مبيناً أنه بالاستغفار تكفّر الذنوب السالفة والخطايا السابقة، ومن أكثر الاستغفار يسر الله رزقه وسهّل عليه أمره وحفظ عليه شأنه.
ومضى الشيخ البدير يقول: «إنّكم خرجتُم مستسقين مستغيثين فأظهِروا الحاجةَ والاضطرارَ والمسكنةَ والافتقار، واصدُقوا في التوبةِ والاعتذار، وأكثِروا مِنَ الاستغفار، واهجُروا الذنوبَ والأوزار، واجتنِبوا مواردَ الخسَار ومسارحَ البَوار، واحذَروا عمَلاً يقرِّب إلى النّار، وإيّاكم والتشاحنَ والتطاحن، وكُفّوا عن المآثم، فما نزلَ بلاء إلا بذنب، ولا رُفِع إلا بتَوبة، وادعو دعاءَ الفريق في الدّجى، ادعوا وأنتم صادقون في الرَّجا، وظنّوا بربِّك كلَّ جميل، وأمِّلوا كلَّ خيرٍ جزيل، فهو أوسَع من أعطى، خزائنُه ملأى، ويداه مبسوطتان ينفِق كيفَ يشاء، وهو واسعُ الفضلِ جزيلُ العطاء، حيي كريم، يستحي أن يَرد يدي عبده إذا رفعهما إليه صِفرا.