خالد بن حمد المالك
بعد سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، كانت دولة قطر هي المحطة الثالثة في زيارات ولي العهد لدول مجلس التعاون، وزيارة دولة قطر لها خصوصية، فهي أول زيارة لسموه بعد المصالحة، إذ كانت اللقاءات والزيارات تتم بعد المصالحة على أرض المملكة، بما يمكن لنا أن نقول عن زيارة الأمير لقطر ولقاء الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على أنها زيارة تاريخية بكل المقاييس، وأنها مبادرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ألغى بها كل ما سبقها من قراءات إعلامية عن العلاقات السعودية - القطرية.
* *
جاءت الزيارة في فترة زمنية غاية في الأهمية، وفي أجواء كانت العلاقات بين البلدين تشهد تصاعدًا في تأكيد الأخوة والتعاون والشراكة والفهم المشترك، ومن جانب آخر فإن ما تمخضت عنها من نتائج، قد برهنت على عمق هذه العلاقات، وعلى أن هذه النتائج تتطابق مع تطلعات شعبي البلدين، وتتناغم مع ما كان ويجب أن يكون سائدًا في التعاون بينهما.
* *
لاحظوا أن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضمن حفاوة الاستقبال كان على رأس مستقبلي سموه في المطار، ومن المطار توجها معًا في موكب رسمي إلى الديوان الأميري، ليترأسا الاجتماع السادس لمجلس التنسيق السعودي - القطري، وخلال الاجتماع تم استعراض أوجه العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، إلى جانب تناولهما مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية.
* *
وبعيدًا عن سحابة الصيف التي مرت بالعلاقات بين البلدين الشقيقين وما كان لها إلا أن تختفي، يمكن وصف هذه العلاقة من خلال قراءة تغريدة للشيخ تميم بن حمد (بأنها علاقات الأخوة والتعاون بين قطر والسعودية، تقوم على أسس راسخة من التاريخ والمصير المشتركين، وناقشت مع أخي الأمير محمد بن سلمان سبل تعزيز هذا التعاون بين بلدينا، كما أكدت وإيّاه حرصنا المشترك على دعم الأمن والاستقرار في منطقتنا والإقليم، مرحبًا بكم أخي محمد في قطر).
* *
بهذه الروح، وبهذه المشاعر، وبتلك الرغبة الصادقة في تحقيق أعلى درجات التنسيق بين البلدين الشقيقين، يتحدث أمير دولة قطر، وكأنه يقول: عفا الله عما سلف من البلدين، وكأنه يتحدث أيضًا - وهو كذلك - عن صفحة جديدة ومضيئة من العلاقات المستقبلية بين المملكة وقطر، ما أفرحنا وأسعدنا، لأنه لا خيار لدولنا في مجلس التعاون عن هذا النهج التاريخي الصحيح الذي قامت عليه العلاقات بين دولنا.
* *
نحن إذًا أمام أفق أوسع للعلاقات المستقبلية بين قطر والمملكة، وبين باقي الدول الخليجية والمملكة، أفق يستند إلى تاريخ موروث عن الآباء والأجداد سابقًا، وعلى حكمة ملوكنا وأمرائنا الآن، على أن مثل هذه الزيارات لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إنما هي للتأكيد على هذا النهج المتواصل بين الماضي والحاضر، والتأسيس عليه للمستقبل، في حلقات متواصلة لتحقيق الأمن والاستقرار، والاستمرار في تحقيق التنمية لتحقيق الخير لشعوبنا.
* *
في البيان المشترك عن زيارة الأمير محمد لدولة قطر، أشار إلى الجو الذي ساد المباحثات على أنه جو اتسم بالأخوة والتفاهم والثقة المتبادلة، وضمن ما تم الاتفاق عليه بين الأمير والشيخ التعاون تجاه جميع القضايا السياسية من خلال بلورة المواقف المشتركة، والتعبير عن ارتياحهما للتعاون العسكري بين البلدين، مع الاستمرار في التعاون في هذا المجال، وكان البيان قد أشار إلى التعاون الاقتصادي، والربط الكهربائي، وسياسة المناخ، ومبادرات الشرق الأوسط الأخضر، والاستثمار، والنقل الجوي، وتقنية المعلومات، والشأن الثقافي، والرياضي، والوضع في اليمن، والقضية الفلسطينية، والأوضاع في كل من العراق، والسودان، ولبنان، وليبيا، وأفغانستان، والمفاعل النووي الإيراني، وغير ذلك كثير.
* *
أي أن الزيارة وما صاحبها، كانت غنية بالنتائج، ثرية بالمكاسب، على درجة عالية من حيث الأهمية، وأننا أمام علاقات ثنائية جديدة، تحمل الكثير من الخير للدولتين والشعبين، فهناك رغبة مشتركة للتعاون، وفق صياغة جديدة، وأفق أرحب، ومناخ يوفر الفرص والنجاح لمثل هذا التعاون.
- يتبع -