محمد سليمان العنقري
أصدرت قبل أيام وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عدداً من القرارات عدلت بموجبها آلية العقوبات والغرامات على المنشآت المخالفة للأنظمة، وذلك بعد دراسة واقع سوق العمل والمواءمة مع القطاع الخاص، حيث يحسب للوزارة تواصلها مع أطراف السوق المستمر واتخاذها القرارات المناسبة، التي تحقق المصلحة العامة، فمن الواضح ان الرصد والمتابعة والتواصل لمعرفة واقع سوق العمل من قبل الوزارة يوضح مدى اهتمامها بتطويره ومساندة قطاع الأعمال للتغلب على الظروف التي واجهتهم بسبب جائحة كورونا وآثارها السلبية التي لم تستثن أي دولة بالعالم.
فالرصد المستمر لواقع السوق يساعد على اتخاذ القرارات المناسبة لكل مرحلة دون الإخلال بالأهداف الإستراتيجية التي تتمثل بدعم قطاع الأعمال، وأيضاً خفض نسب البطالة وحفظ حقوق الأطراف في سوق العمل الذي شهد عمليات إصلاح واسعة منذ سنوات ومازالت الوزارة مستمرة بتطويره تماشياً مع رؤية 2030 ليستمر السوق جاذباً ومولداً للوظائف، فرغم الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا عالمياً وفقد بسببها اكثر من 100 مليون انسان وظيفته عالمياً الا ان البطالة بالمملكة شهدت انخفاضاً من 12،6 بالمائة في نهاية 2020 عام خلال الجائحة الاكثر صعوبة الى 11،3 بالمائة بنهاية الربع الثاني من العام الحالي 2021م، وذلك من خلال الدعم الحكومي للاقتصاد الوطني لمواجهة اثار الجائحة، وايضا حزمة الاجراءات والمبادرات التي قدمتها وزارة الموارد البشرية لزيادة التوطين في قطاعات عديدة وبذات الوقت قدمت الوزارة مبادرات لدعم المنشآت لكي تبقى قادرة على تسيير أمورها ومواجهة التحديات الاقتصادية الاستثنائية، فهدف الرؤية هو تمكين القطاع الخاص ليمثل 65 بالمائة من الناتج المحلي ويتطلب ذلك ممكنات وتشريعات عديدة من بينها ما يتم من اصلاحات بسوق العمل الذي تشرف عليه وتنظمه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
ففي متابعة اوضاع سوق العمل وتطوراته الاخيرة عدلت الوزارة من آليات المخالفات بحسب حجم المنشأة وجسامة المخالفة فقد تم تخفيض نسبة 80 بالمائة من قيمة الغرامات على جميع المخالفات التي يتم رصدها في أول زيارة لمفتشي الوزارة للمنشأة، بينما تم أيضا تخفيض نسبة 80 بالمائة من قيمة الغرامة المالية فيما يخص التوطين، أي توظيف المواطنين، أما ما يتعلق بالمنشآت التي بدأت أعمالها حديثاً فيكتفى بالإرشاد لها في السنة الأولى لكي تنظم أعمالها وفق الأنظمة واللوائح بسوق العمل، كما قامت الوزارة بإطلاق «إدارة مواقع المنشأة» على منصة قوى، وذلك بهدف قياس وتحديد التزام المنشأة بقرارات التوطين إلكترونياً، ويمكن فهم هذه الخطوة بأنها تأتي تماشياً مع التحول للحكومة الرقمية، وتسهيلاً على المنشآت والوزارة بمتابعة اوضاع السوق ومساعدة المنشآت على الالتزام بالأنظمة والتشريعات.
رسالة الوزارة من خلال تعديل عقوبات وغرامات المخالفات انها قريبة ومراقبة للسوق وتراجع اجراءاتها وآليات المخالفات وما يترتب عليها كلما دعت الحاجة لذلك، أي أن المرونة التي تبديها الوزارة تعد عاملاً إيجابياً لاطراف السوق بدون ان يخل ذلك بمتابعة التزام المنشآت بما يصدر من قرارات، وبما يحقق المصلحة العليا للوصول لسوق عمل واعد وقوي، حيث يعد السوق السعودي من الأكثر جاذبية عالمياً ويخضع للتطوير المستمر ليتماشى مع تطورات الاقتصاد الوطني الموعود بحجم انفاق ضخم خلال السنوات القادمة حتى العام 2030 بما يصل الى 27 تريليون ريال ستولد ملايين فرص العمل، وستحفز لتأسيس عشرات الآلاف من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث تهدف الرؤية لأن تمثل هذه المنشآت ما يصل إلى 35 بالمائة من الناتج المحلي ارتفاعاً من حوالي 20 بالمائة حالياً.