سلمان إبراهيم الحوطي
تناولت صحف عربية عدة تداعيات ظهور متحور فيروس كورونا الجديد الذي يُعرف باسم «أوميكرون» والتأثيرات المحتملة لانتشاره في العالم. ظهور المتحوّر الجديد لفيروس كوفيد-19 «أوميكرون» على ما يبدو موجة بيع في الأسواق المالية بسبب القلق من أن السلالة الجديدة التي تتصف بسرعة الانتشار يمكن أن تؤدي إلى انتكاسة التعافي الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك حتى لو ثبت أن «أوميكرون» يمكن السيطرة عليه فمن المحتمل أن يكون عام 2022 صعبًا اقتصاديًا، إذ تنحصر البلدان بين قوتين اقتصاديتين هائلتين: سياسة نقدية أمريكية أكثر تشددًا ونمو أبطأ في الصين.
في مقال نشرته مجلة «The Economist» البريطانية تناولت موضوع تأثير الولايات المتحدة الأمريكية والصين على آفاق الاقتصاد العالمي، مضيفة أن هذين الاقتصاديين يمثلان معًا 40 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأسعار صرف السوق.
وذكرت المجلة أن العملاقين الأمريكي والصيني يميلان إلى التأثير على الاقتصادات الأخرى بطرق مختلفة، وبالنسبة للعديد من البلدان الناشئة فإن النمو القوي في أمريكا سيف ذو حدين، إذ غالبًا ما يطغى تأثير السياسة النقدية على التأثير التوسعي للإنفاق نظرًا للدور الحاسم لسندات الدولار وسندات الخزانة في النظام المالي العالمي، وغالباً ما ترتبط السياسة النقدية الأمريكية المتشددة بانخفاض الرغبة في المخاطرة العالمية.
ولفتت المجلة إلى أنه كلما مالت تدفقات رأس المال المتجهة نحو الأسواق الناشئة إلى الانحسار قللت قوة الدولار من التدفقات التجارية بسبب دور العملة الأمريكية في التجارة العالمية، إذ يسيطر التعامل بالدولار على الفواتير والتعاملات بين دول العالم.
وأشارت المجلة إن «تأثير الصين على العالم أكثر وضوحاً، فهي وإلى حد كبير تُعد أكبر مستهلك للألمنيوم والفحم والقطن وفول الصويا في العالم، إضافة إلى سلع أخرى فضلاً عن كونها مستوردًا رئيسًا للسلع. عندما تتعثر الصين، يشعر المصدرون حول العالم بالألم».
وترى المجلة أن عام 2022 لن يكون هو المرة الأولى التي تضطر فيها الاقتصادات إلى الإبحار في المياه الغادرة بين الخطرين، ففي منتصف 2010 تعرّضت الأسواق الناشئة الضعيفة للضغط بسبب ارتفاع الدولار، إذ سحب الاحتياطي الفيديرالي الدعم النقدي المقدم خلال الأزمة المالية العالمية، في حين أدت جولة سيئة من تحرير الأسواق المالية وتشديد الائتمان إلى حدوث ركود في الصين.
يذكر أيضاً بأن حصل تراجع للنمو عبر الأسواق الناشئة باستثناء الصين من 5.3 % في 2011 إلى 3.2 % بـ2015، وتعتقد أن يكون الضغط هذه المرة أكثر إيلاماً، ففي العقد الأول من القرن الحالي أجبر ضعف التعافي وانخفاض التضخم بنك الاحتياطي الفيديرالي على التباطؤ.
ولفتت المجلة أيضاً إلى أن الصين معرّضة اليوم لخطر هبوط اقتصادي حاد أكثر مما كانت عليه قبل نصف عقد، وقد استجابت الحكومة الصينية سابقًا لتباطؤ النمو بمنح التسهيلات الائتمانية، ما ساعد في إعادة تضخيم فقاعة الإسكان.
من وجهة نظري أعتقد أن خلال هذه الفترة على العالم أن يحبس أنفاسه ويراقب الآثار السلبية من انخفاض الاستهلاك والصرف والسفر والسياحة والاستثمار، متأملين ألا تطول هذه الفترة لأنها لو طالت فسيكون لها تبعات خطيرة على المستوى الاقتصادي والنفسي والصحي، والعالم لم يعد يتحمل المزيد من الضربات والإخفاقات والأخبار السلبية وخصوصاً أنه يعاني مر المعاناة بسببها لفترة تجاوزت السنتين وتحسب بألف سنة.