معتصم باكراع
حوار ممتع بيني وبين أحد الأصدقاء عن عالم المشاهير وتأثيراتهم على المجتمع والتربية وكيف يفرز الفراغ أجيالاً لا تهتم إلا بالمظاهر على حساب العقل والفكر والمعضلة حينما قال له ابنه أريد أن أكون مشهورًا، المفارقة العجيبة أن مفهوم الشهرة واسع وفضفاض كل بحسب مجاله هناك مشاهير في مجال السفر والكتب والتقنية والمشاريع وهكذا إذن لماذا المحتوى الفارغ هو من يتصدر الترند؟
لأنه محتوى يثير الجدل فئات معينة مستعدون أن يحصدوا المتابعات بفعل أي شيء يضرب بشهرتهم عرض الهاشتاق، بينما هناك مشاهير في مجالات كثيرة، ولكن تنوع الأذواق هو ما يحد تلك الشهرة ويجعلها محصورة في نطاق ضيق.
وكما يقول أحمد شوقي ((تغطي الشهرة على العيوب كالشمس غطى نورها على نارها)).
تصوير اليوميات مثلاً على سناب شات وإظهار الجانب الإيجابي دائماً يُخيل للبعض بأنهم يقتاتون السعادة ويهيمون في ربوعها دون نظر أو إمعان في مجمل الصورة، وهذا طبيعي في المبدأ حيث إن مشاكل الشخص وإخفاقاته تبقى شخصية وما يقدمونه هو صناعة المحتوى، ولكنه محتوى هبط بالقيم والمعايير الأخلاقية وراء اللهاث نحو الظهور المبالغ فيه حتى يعيش المتابع معه اللحظة بلحظتها ويتفاعل معه بناء على ما يقدمه.
محاولة جذب ولفت الانتباه عن طريق الخروج من منظومة الأخلاق والقيم وتقديم التنازلات لرفع عداد اللايك هو مسألة شخصية بلا شك جميع قراراتك تتحمل مسؤولية تبعاتها فيما بعد ولكن الأثر يبقى على الأطفال الذين لا يدركون الصواب والخطأ إلا من التربية القويمة التي تبني الأسس وترسخ الثوابت.
مهما كانت كمية التفاهة المعروضة على الشاشات المضيئة إلا أن للأهل الدور الأساسي في تقويم وزرع المعتقدات النبيلة أما ترك الحابل على النابل فهو ما يسبب فجوة بين الأفكار المطروحة وطريقة عرضها المبتذلة وتبني الخطوات التي تؤدي إلى العقول الخاوية من التفكير والتحليل ومن ممارساته الطبيعية.
هناك مقولة هي ((العقول الكبيرة تناقش الأفكار، والعقول المتوسطة تناقش الأحداث، والعقول الصغيرة تناقش الأشخاص)) إليانور روزفلت. هل تريد أن تصبح تردداً لانبعاثات لا تغني ولا تسمن من جوع أو أن تكون انتقاءاتك هي سر تميزك وإضافتك لنفسك ومجتمعك؟