زكية إبراهيم الحجي
دورة حياة قائمة ومستمرة وأجيالٌ تتعاقب جيلاً بعد جيل.. كتعاقب الليل والنهار.. ومسافات زمنية تترك بصمة لكل جيل من الأجيال المتعاقبة بتناغم حياتي يختلف من زمن إلى زمن، لكنه لا ينتهي بتقادم الزمن، بل يبقى مشهداً رائعاً لمراحل التفاعل والتكامل بين القديم والحديث، لما أفرزه تباين الفجوات من فروق واختلاف بين الأجيال المتعاقبة، وذلك ليس بغريب، بل أمر طبيعي كونه يأتي ضمن سياق التغير والتطور الاجتماعي العام الذي يحدث في كل زمان تتعاقب أجياله، وتلك هي طبيعة الحياة وفلسفة الوجود البشري على الأرض، ودورة الزمن التي ما فتئت تقلب الموازين وتغير المعطيات، وفقاً لتغير وتطور معين أو حدث بذاته، ومع ذلك كله تبقى هناك قواسم عدة مشتركة بين الأجيال، لا تختلف في أصولها وثوابتها القائمة على الدين واللغة والولاء والوطنية.. لكن لا يمكن أن ننكر أن هناك عوامل ومعطيات تحكم تباين الفجوات بين جيل وآخر، بحكم التغيرات والاختلافات التي تطرأ على كل جيل يعيش عصره.. ولعل من أهمها في عصرنا الحالي المناخ الفكري والثقافي والتقدم التكنولوجي والتطور السريع في وسائل الاتصال، يُضاف إلى ذلك مساحة الانفتاح المتاحة لجيل هذا العصر، وانطلاق الشباب في مجال الابتكار والإبداع وصناعة المحتوى.
التغير هو سمة الوجود.. وما يحدث من تغير بين جيل وجيل يلقي بظلاله على الجوانب الحياتية الأخرى للمجتمعات وفي أي زمن كان، وذلك نتيجة عدة عوامل، تتراوح ما بين اقتصادية وسياسية وثقافية وتعليمية.. ومما لا شك فيه أن لكل جيل من الأجيال قدرته الخاصة على صنع شخصيته، وتخليد بصمته مهما كانت التحديات والصعاب التي تواجهه.. وأن كل جيل من الأجيال المتعاقبة له أهميته في بناء الجيل الذي يليه، فجيل يبني، وجيل يجني، ولكل حقبة زمنية إيقاعها الإنساني الخاص بها.
إن أبعاد ظاهرة التغير تنعكس آثارها على البناء الاجتماعي لكل جيل من الأجيال المتعاقبة، مع الإشارة لوجود تميز بين تغير وآخر خلال فترات الزمن الحياتي لكل جيل، لذلك فإن الإطار الشامل الذي يتحرك فيه كل جيل من خلال الاتجاهات التي يراها صائبة من وجهة نظره، يقدم خلفية تاريخية لحركته، لكنها في المجمل تُبقي على القواسم المشتركة فيما بينها.. ولا شك أن لكل جيل تحديات لا تكون معروفة لدى الجيل الذي قبله، لكن بالهمة والطموح تُذَلل الصعاب أمام أجيال تبني وأجيال تجني.