د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** يطمئنُ في المجالس التي يغشاها لرفقة مَنْ يَخفضون أصواتهم حين يحكون، ويلتزمون الصمت حين يُصغون، ويرفقون بمن يُحاورُهم ولا يستعرضون، ولا يُدلُّون بإمكاناتهم، كما لا يُذكِّرون بمكانتهم، وربما انفضَّ السامرون، وفيهم من لم يتحدثْ مؤثرًا الاستماع والاستفادة، وحين كنا أطفالًا التحقْنا في سطح الجامع الكبير بعنيزة: (الجَرَّاح قديمًا وابن عثيمين مؤخرًا) بدروس تحفيظ القرآن الكريم لدى الشيخ محمد العثمان القاضي -رحمه الله، وكانت أصواتنا تعلو بطلب القراءة فتختلط نداءاتنا: «أستاذ، أستاذ..»، وكان يردد علينا مقولةً حفظناها عنه: (القارئ كالحالب والمستمع كالشارب).
** لم يستمر صاحبكم في دروس التحفيظ؛ فقد انتقل حيث انتقل عملُ والده -رحمه الله، لكنه يستعيدُ مقولةَ الشيخ القاضي أو منقولَه في الإفادة السمعية عند الاجتماع مع الكبار، ومنهم أستاذُنا أبو نبيل؛ فقد جاء لقاؤهما الأولُ في جلسة أصدقاء، وبالرغم من ذيوع اسمه وقيمة مركزه وتأثير رؤاه التي يبثها في مواقعه ويكتبها بقلمه فإنه لم يتصدر الجلسة، مكتفيًا بالإجابة حين يسأل، والتعليق الموجز إذ يتطلب.
** المهندس عثمان بن حمد الخويطر المتقاعد من عمله نائبًا لرئيس شركة أرامكو خبيرٌ نفطيٌ عربيٌ بارز، وله دراساته النوعية في شؤون الطاقة، وفيها يحضر الوطن والمواطن؛ مهمومًا بقضاياه، ومعنيًا بغده، غيرَ ملتفتٍ إلى التنظير والتأطير؛ فقد أسهم - ضمن إسهامات - في تأسيس مركزين للتأهيل المهْني لذوي الإعاقة للبنين والبنات، ومركزٍ لمتلازمة داون للذكور والإناث ضمن مراكز مدينة عنيزة للخدمات الإنسانية.
** تقاعد في نهاية عام 1996م لكنه لم يقعد، وكتب سيرته الشخصية في كتابه المعنون: (رسالة إلى أحفادي)، وعرض سيرة حياته بدءًا من ولادته، مرورًا بطفولته وصباه وعبورًا بالتحاقه المتأخر قليلًا بالدراسة وتخرجه في أولى دفعات ثانوية عنيزة العامة، وعلاقته بالشيخ عبدالله الطريقي، وفترة الابتعاث، ورحلة العمل، وموضوعاتٍ أُخرَ تومئُ إلى عصاميته ووطنيته وبذله في سُبُل الخير.
** دعاه صاحبكم للقاءٍ عامٍ في الرياض متوقعًا اعتذارَه لأعباء السفر ووعثائه فرحب وجاء مشاركًا فوق كونه حاضرًا فأثرى وآثر بما يزينُه حكمةً وتواضعًا ووعيًا، وكذا يصدقُ الرائد أهله.
** لا يُخفي عمرَه، بل يسعى لكشفه، وعند الحديث عن دراسته يردفُ تفاصيلها بدخوله المدرسة متأخرًا، وبأنه أكبر من أقرانه فيها، وهو جزءٌ من شفافيته في مقاربة موضوعاته الشخصية والأُسْرية، وتزدادُ شفافيته عند مناقشة الشؤون العملية والعلمية، ومعظمها في شؤون الطاقة والنفط الصخري والأحفوري وأسعاره وتسويقه وسواها، من غير أن يُغفِلَ همومَ البسطاء، واحتياجَ الضعفاء، ومتغيرات الأرض والفضاء.
** درس في الكتاتيب، ثم في المدرسة الحكومية، وغادر الدرس النظامي مضطرًا ليعمل - وهو صبي- في مكة المكرمة ورأس مشعاب وعرعر، وعاد إلى مدينته عنيزة فأكمل الدراسة الثانوية بها، وابتعث إلى الولايات المتحدة فتخرج مهندسًا، وواصل العطاء حتى صار قياديًا في أعماله، وما يزال قياديًا في تعامله.
** السكينةُ هبة.