الفلسفة في السعودية اتخذت منحىً أكثر أهمية من خلال إقامة مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر، وقد اتسم بسمتين مهمتين جدًا وهما: التعددية، والشمولية، فهو متعدد إذ ظهرت فيه العديد من العناوين التي ناقشت اللامتوقع من نواحٍ عدة كالفلسفة الإسلامية وغيرها من الفلسفات كالعلمية مثلًا، وشموليته إذ إن المشاركين فيه من دول عديدة في العالم، شارك البعض حضوريًا واضطر الآخرون للمشاركة عن بعد بسبب ظروف الجائحة.
ولعل هذا المؤتمر هو العلامة الأساس لانفتاح أكثر نحو الفلسفة السعودية محليًا وعالميًا، وينبئنا عن مؤتمرات متعددة سنراها لاحقًا تتماس مع واقعنا المعيش في السعودية وفي العالم، ويثير في تفكير أجيالنا الشابة المشاركة الفاعلة فلسفيًا في واقعهم وعالمهم، وما حوار الفيلسوف مايكل ساندل مع عدد من طالبات وطلاب الجامعات السعودية في المؤتمر إلا دليل ظاهر على إمكانية التفكير الفلسفي في المجال العام مع تعدد الثقافات أجمع.
انبثاق هذا المؤتمر الفلسفي هو تخصيص مساحة خاصة بالتفلسف والفلسفة بعد أن كانت الفلسفة سابقا مبثوثة في الأدب وعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم الإنسانية في المحاضرات والأبحاث السعودية، ومع المؤتمر أضحت الفلسفة تتجه نحو التخصيص والإظهار بشكل شاسع أمام المهتمين والمهتمات بالفلسفة في السعودية، وفتح مجال للمتفلسفين أن يجدوا مجالًا يخوضوا في الفلسفة عن طريقه.
وأن يهتم المؤتمر بفلسفة العلم فهذا بيان على حضور العلم التجريبي المعاصر في الهم الفلسفي، إذ كان متمثلًا في مشاركة فيلسوفا العلم باتريشا تشيرشلاند ونيد بلوك اللذين ناقشا الجوانب العلمية في الأخلاق وعلاقتها باللامتوقع في عالمنا المعاصر.
أخذ المؤتمر هذا الاحتفال البهيج بالفلسفة تفكيرًا وطرحًا ونقاشًا بين العديد من الفلاسفة من داخل السعودية وخارجها، صار مجالًا مهمًا يتطلع إليه الفلاسفة في عالمنا العربي ودوليًا لتنوعه في الطرح ومواكبته للهم البشري المعاصر من خلال عنوانه اللامتوقع.
** **
- صالح سالم