وجوه كونية حاضرة أو منسية تعود على سطح اللوحة لتدون نسيانها!
الوجوه لدى الفنان عبد الله ادريس مثل المخيلة، وتصبح كذلك في الذكرى لا تهرب بين غابات الحياة أو تغيب، أكيد لها جذور ومنبت ولها انتماء حتى لو تحددت بالمخيلة في مطلق رحابها!
تلك القيم الفنية التي يحظى بها الفنان عبد الله إدريس أتت من تمرسه باستخدام وسائل تعبير جديدة ومعاصرة، تناسب النهوض الثقافي العارم عربيا وعالميا، وبخاصة انتقاله من المجال الصحفي إلى المحترف التشكيلي عام 1990م، فأخذ يستلهم قيمه الفنية من خلال التعبير عن حياته وسلوكه ورسومه وكتاباته معا وتأصل واحد من النخب الفنية والثقافية.
فمرجعيته الثقافية والفنية ساعدته كثيرا في تجاوز العقبات التي من الممكن أن يقع بها الفنان، ومن أصعبها الهم الفني كمحرض والممارسة التشكيلية كنتيجة، وكيفية التوافق بينهما أو الربط بين العاملين وهو ما يمكن تسميته بالوعي الفني، فاتسمت أعماله بالذاتية والتفرد، وإن انتهت إلى الانسان وهمومه كما هي عادات تفكيره ورؤاه، وهذا ما يظهر لنا جدلية الألوان والأشكال لتظهر تكويناته من الوجوه بشكل إيقاعي ومتماه مع يقين الخط وزهد التفاصيل، وكأن الوجه يستمد ملامحه من فراغ اللوحة ليسافر بنا إلى عوالم كونية من اللا زمان واللا مكان ، فألوانه وإن غيمت تحت تفاصيل الوجوه إلا أنها أخذت طريقها لحالة الإنسان وهو محور الهم.
وجوه إدريس هي نتاج توليفة بين النخبوي والبكر، هكذا نجد شخصياته الملتبسة تقع ما بين المسوخ الثقافية والمسوخ الساذجة المعاقة، وجوه تعابيرها حادة إلى درجة الاستلاب السكيولوجي.
** **
باسم الشرقي - فنان تشكيلي